التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب البكاء من خشية الله

          ░24▒ (بَابُ البُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وباب الخوف مِن الله)
          عن يزيد الرَّقَاشِي عن أنس مرفوعًا: (أَيُّهَا النَّاسُ ابْكُوا وَإِنْ لَمْ تَبْكُوْا فَتَبَاكَوْا فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ فِي النَّارِ حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُمْ فِي خُدُوْدِهِمْ كَأَنَّهَا جَدَاوِلُ، ثُمَّ تَنْقَطِعُ الدُّمُوعُ وَيَسِيلُ الدَّم فَتَقَرَّحُ (1) الْعُيُونَ فَلَوْ أَنَّ السُّفُنَ أُجْرِيَتْ فِيهَا لجَرَتْ) وكان يزيد الرَّقَاشِي يقول: وا لهفاه سبقني العابدون وقطع بي نوح يبكي على خطيئته، ويزيد لا يبكي، إنَّما سُمِّيَ نوحًا لطول ما ناح على نفسه.
          وكان نبينا عليه صلعم إذا قام إلى الصَّلاة يُسمَعُ لجوفه أزيز كأزيز المِرجل مِن البكاء. وعن وهيب بن الورد أنَّ زكريا قال لولده يحيى ♂شيئًا فقال: يَا أَبَةِ ، إنَّ جبريل أخبرني أنَّ بين الجنَّة والنَّار مفازة لا يقطعها إلَّا كلُّ بكَّاء. وفي «البكاء» للترمذي مِن حديث ابن عبَّاس مرفوعًا: ((عَيْنَانِ لا تَمسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبيلِ اللهِ)) ثمَّ قال: حسن غريب، وبعضهم رواه عن ابن عباس عن العبَّاس، ذكره أبو موسى المديني، وله مِن حديث أبي هريرة: ((ثَلاَثَةُ أعْيُنٍ لَا تَمَسُّها النَّارُ)) فذكرهما وزاد: ((وَعَيْنٌ فَقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ)).
          قال المديني: قوله: ((فَقِئَتْ)) غريب لا أعرفه إلَّا مِن هذا الوجه، ورُوِيَ هذا العدد أيضًا عن معاوية بن حَيْدَة وأبي رَيحانة وابْن عباس، إلَّا أنَّهم قالوا بدل فقءُ العين: الغضُّ عَن محارم الله، وفي حديث أسامة بن زيد مرفوعًا: ((كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ، وَعَيْنٌ حَرَسَتْ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ سَاهِرَةً سَاجِدَةً لِلَّهِ)).


[1] في الأصل ما صورته:((فتفرغ)).