التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب جمع اللونين أو الطعامين بمرة

          قوله: (بَابُ جَمْعِ اللَّوْنَيْنِ أَوِ الطَّعَامَيْنِ بِمَرَّةٍ): قال شيخنا: (قال المهلَّب: لا أعلم مَن نهى عن خلط الأُدم إلَّا شيئًا يُروى عن عمر ☺، ويمكن أنْ يكون ذلك من السَّرَف، والله أعلم؛ لأنَّه كان يمكن أنْ يأتَدِم بأحدهما ويرفع الآخر إلى مرَّة أخرى، ولم يحرِّم ذلك عمرُ ☺؛ لأجل الاتِّباع في أكل الرُطَب بالقِثَّاء، والقديد مع الدُّبَّاء، وقد رُوِيَ عن رسول الله صلعم ما يبيِّن هذا، روى عبيد الله بن عمر القواريريُّ... _وساق سندًا إلى سلمة بن حَبِيب_ عن أهل بيت رسول الله صلعم: «أنَّه ╕ نزل قباء...» _فذكر حديثًا...، إلى أنْ قال ◙_: «ما شَرَابُك هذا؟» قال: لبنٌ وعسلٌ يا رسول الله، قال: «إنِّي لا أحرِّمه، ولكن أدعه تواضعًا لله، فإنَّه مَن تواضع لله؛ رفعه الله، ومَن تكبَّر؛ قَصَمه الله، ومَن بذَّر؛ أَفْقَره الله، ومَن اقتَصَد؛ أَغْنَاه الله، ومَن ذكر الله؛ أحبَّه الله»)، انتهى.
          وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» بسنده حديثًا في الجمع بين إدامين عن عائشة ♦ قالت: أُتِيَ رسول الله صلعم بقدح لبن وعسل، فقال: «أَشربتان في شربةٍ، وأدمان في أدم وقدح؟! لا حاجة لي فيه، أمَا إنِّي لا أزعم أنَّه حرامٌ، ولكنِّي أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا يوم القيامة، أتواضعُ، فمَن تواضع لله؛ رفعه الله، ومَن تكبَّر؛ وضعه الله، ومَن استغنى؛ أغناه الله، ومن أكثر ذكر الله؛ أحبَّه الله»، قال ابن الجوزيِّ: تفرَّد به نعيم، ثُمَّ ذكر جرحه عن جماعةٍ، انتهى.
          وفي «المستدرك» في (الأطعمة): (عن أنس ☺: أُتِيَ النَّبيُّ صلعم بقعب فيه لبنٌ [وشيء](1) من عسل، فقال: «أُدمان في إناء؟! لا آكله ولا أحرِّمه»، صحيحٌ)، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: (بل منكرٌ واهٍ، رواه مُحَمَّد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب: حدَّثَني عمِّي عبد السلام عن أبيه عن أنس، ولم أرَ فيهم مجروحًا)، انتهى، والله أعلم.
          وتقدير تبويب البُخاريِّ: باب جواز جمع اللَّونَين، أو باب جمع اللَّونَين... إلى آخره، هل جاء فيه شيء؟ وقد ذكر فيه دليلَ الجوازِ.


[1] ما بين معقوفين بياض في (أ)، وكُتِبَ فوقها: (كذا).