التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الأكل في إناء مفضض

          (بَابُ الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ)... إلى (كِتَاب الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ)
          قوله: (بَابُ الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ): والحديث في آنية الفضَّة، إلَّا أنْ يُراد أنَّ الإناء كان مضبَّبًا وأنَّ الماء كان فيه، أو في موضع الشِّفة، على أنَّ الأصحَّ عند الشَّافِعيَّة أنَّه لا فرق بين أنْ يكون في موضع الاستعمال أو غيره، والله أعلم، ولعلَّ البُخاريَّ يميل إلى أنَّه لا يحرُم الأكلُ في إناء مُضبَّب، إنَّما يحرُم ذلك في الإناء الخالص مِن الذَّهب أو الفضَّة، ويكون التبويب تقديره: بابُ جواز الأكل في إناءٍ مُفضَّضٍ، واستدلَّ بالحديث على أنَّه لا يحرُم إلَّا الخالص، لا في المُضبَّب، والله أعلم، وهذا نظير ما قيل في ثوب الحرير؛ فلا يحرُم المُركَّب مِن إبريسم وغيره إلَّا إذا زاد وزن الإبريسم، أمَّا إذا كان الغالب المباح أو استويا؛ فإنَّه يحلُّ، هذا من حيثُ مذهبُ الشَّافِعيِّ، ويكون نظيرَ حديث ابن عَبَّاس: (إنَّما نهى رسول الله صلعم عن الثوب المُصْمَتِ مِن الحرير، أمَّا العَلَم وسَدَى(1) الثَّوب؛ فلا بأسَ به)؛ رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، ورواه الحاكم بلفظ: (إنَّما نهى رسول الله صلعم عن المُصْمَتِ إذا كان حريرًا)، ثُمَّ قال: (صحيحٌ على شرط الشَّيخين، ولم يخرِّجاه)، انتهى.
          تنبيهٌ: جاء في حديث: «مَن شرب في آنية الذَّهب والفضَّة، أو إناء فيه شيء مِن ذلك؛ فإنَّما يجرجر في جوفه نار جهنَّم» رواه الدَّارقطنيُّ [خ¦93]، والبَيْهَقيُّ، والحاكم في «علومه» مِن رواية ابن عمر، وهو حديث ضعيف لا يصِحُّ، كما قاله ابن القَطَّان في «علله»، قال البَيْهَقيُّ: (المشهور عن ابن عمر في المُضبَّب موقوفًا عليه أنَّه كان لا يشرب في قدحٍ فيه حلقة فضَّة ولا ضبَّة فضَّة) انتهى، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في ترجمة يحيى بن مُحَمَّد الجاري: أنَّ هذا حديث مُنكَر، وعزا الحديث إلى الدَّارقطنيِّ فقط، والله أعلم.


[1] في (أ): (سداء)، والمثبت من مصادره.