التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}

          ░28▒ (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى:38])
          قوله: (وَأَنَّ المُشَاوَرَةَ قَبْلَ العَزْمِ) هو عطف على قول الله تعالى.
          قوله: (وَالتَّبَيُّنِ) أي: وضوح المقصود.
          قوله: ({فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ}[آل عمران:159]) وجه دِلالة الآية أنَّه أَمر أولًا بالمشاورة ثمَّ رتَّب التَّوكل على العَزم وعقَّبه عليه إذ قال: / {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ}[آل عمران:159]
          قوله: (فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَتَهُ) هي بفتح اللَّام وتخفيف الميم (وَعَزَمَ قَالُوا لَهُ: أَقِمْ) أي: بالمدينة ولا تخرج إلى القتال (فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لَأْمَتَهُ) أن ينصرف حتَّى يلقى العدوَّ ويقاتل؛ لأنَّه نقضٌ للتَّوكُّل الذي أمر الله به عند العَزيمة ولبسُ اللَّأْمَة دليل العزيمة، واللَّأْمَة الدِّرع.
          قوله: (وَشَاوَرَ عَلِيًّا، وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى بِهِ أَهْلُ الإِفْكِ عَائِشَةَ ♦ فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ، فَجَلَدَ الرَّامِينَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ) كان القياس أنْ يُقال: ولمْ يلتفت إلى تنازعهما إلَّا أن يُقال: أقلُّ الجمع اثنان والمراد: هما ومِن معهما ومِن وافقهما على ذلك.
          قوله: (ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ) أي: على قتال مانعي الزكاة و(بَعْدُ) مبنيٌّ على الضَّمِّ، و(عُمَرُ) فاعلُه. (ولَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ إِذ (1) كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ) أي: وهو قوله صلعم : ((مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوه)) ولفظ: (إِلَّا بِحَقِّهَا) في قوله صلعم : (عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) دليلٌ أيضًا على جواز القتال إذ هو مِن حقوق الكَلمة كانوا يقولون: الصَّلاة واجبة والزَّكاة ليستْ بواجبة؛ لأنَّ دعاء أبي بكر ليس سكنًا لهم وإنَّما ذلك للرَّسول صلعم إذ قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهم إنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ (2) لَهُمْ}[التوبة:103].
          قوله: (وَكَانَتِ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ) المشورة: بضم الشين على الأفصح، وقيل: بسكون الشِّين وفتح الرَّاء وهي الشُّورى، وكان اصطلاح الصَّدر الأوَّل أنَّهم يُطْلِقون القُرَّاء على العلماء.
          قوله: (كُهُولًا كَانُوا أَوْ شَبَابًا) بموحدتين، وفي بعضها: بموحدة ونون يعني: كان يعتبر العِلم لا السِّن.


[1] في الأصل:((إذا)).
[2] في الأصل:((سكناً)).