التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب نهي النبي على التحريم إلا ما تعرف إباحته

          ░27▒ (بَابُ نَهْيِ (1) النَّبِيِّ صلعم عَلَى التَّحْرِيمِ إِلَّا مَا يُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ)
          محمول على تحريم المنهيِّ عنه وهو حقيقة فيه إلَّا إذا عُلم أنَّه للإباحة بالقرينة الصَّارفة عن حقيقته كما في حديث أمِّ عطيَّة وقولها: ((نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا)) وما ذكره عن أمِّ عطيَّة تقدَّم مُسْنَدًا في الجنائز.
          قوله: (وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ) أي: فإنَّه محمول على إيجاب المأمور به إلَّا إذا عُرِف أنَّه لغيره بالقرينة المانعة عن إرادة الحقيقة كما في حديث جابرٍ وهو قوله ◙ لهم حين أحلَّوا مِن إحرامهم: ((أَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ جَابِرٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ)). وما ذكره عن جابر يأتي في الباب مُسْنَدًا مِن طريق المكيِّ بن إبراهيم / قال ابن التِّين: ووقع في بعض الأصول بأنَّ النَّهي عن التحريم، وصوابه على يعني (2): أنَّه محمول على التَّحريم إلَّا ما عُلمتْ إباحته.
          تنبيه: قال أكثر الأصوليين: النَّهي ورد لثمانية أوجه وهو حقيقة في التَّحريم مجاز في باقيها، والأمر لستَّة عشر وجهًا حقيقة في الإيجاب مجاز في البواقي.
          قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ) هي نُسَيبة _بضم النُّون وفتح السِّين المهملة، وقيل: بفتح النُّون وكسر السين_ الأنْصارية: (نُهِينَا) بلفظ المجهول ومثله يُحْمل على أنَّ النَّاهي هو رسول الله صلعم .
          قول: (عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا) أي: لم يكن النَّهي للتحريم بل للتنزيه، وتقدَّم أنَّ هذا المذكور عن أمِّ عطيَّة سبق مُسْنَدًا في الجنائز.


[1] في الأصل:((تمني)).
[2] كذا في الأصل.