التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب الاقتداء بسنن رسول الله

          ░2▒ (بَابُ الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ النَّبِيِّ صلعم)
          وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}[الفرقان:74] قَالَ: أَئِمَّةً نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلَنَا، وَيَقْتَدِي بِنَا مَنْ بَعْدَنَا.
          يعني استعمل الإمام هنا بمعنى الجمع بدليل اجْعَلْنَا.
          فإن قلتَ: الإمام هو الْمُقْتَدَى به فَمِنْ أين استفاد المأمومية حتَّى ذكر المقدِّمة الأولى أيضًا؟. قلتُ: هي لازمة إذ لا يكون متبوعًا لهم إلَّا إذا كان تابعًا لهم أي: ما لم يتبع الأنبياء لا يتبعه الأولياء، وقال في كتاب التفسير قال مجاهد: أي اجْعلنا ممَّن يقتدي بمَن قبلنا حتى يقتدي بنا مَن بعدنا.
          وما ذكره البخاريُّ في تفسير قوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}[الفرقان:74] هو قول الحسن، وقال الضَّحَّاك: أئمَّة يُقتدى بنا في الخير.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ) أي: أبو محمَّد عبد الله بن عون (ثَلاَثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلِإِخْوَانِي: هَذِهِ السُّنَّةُ) إشارة إلى رسول الله صلعم إشارة نوعية لا شخصية، ثمَّ قال في السُّنَّة: / (يَتَعَلَّمُوهَا)، وَفي القُرْآن: (يَتَفَهَّمُوهُ) لأنَّ الغالب على حال المسلم أن يتعلَّم القرآن في أوَّل أمرِه فلا يحتاج إلى الوصيَّة بتعلُّمه، فلهذا وصَّى بفهم معانيه وإدراك منطوقه وفحواه.
          قوله: (وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ (1) خَيْرٍ) أي: لا يتعرض لهم، رحم الله مَنْ شغله خُوَيْصة نفسه عن الغير، نعم إنْ قدر على إيصال خيرٍ فَبِها ونعمتْ وإلَّا ترْك الشَّرِّ خيرٌ كثيرٌ أيضًا.
          ذكره عن ابن عون، أخرجه اللَّالِكَائِيُّ في «سننه الكبير» مِن حديث القَعْنَبِيِّ عن حمَّاد بن زيد عنه.


[1] في الأصل:((الناس الأمرأم)).