التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب صفة النار وأنها مخلوقة

          ░10▒ (بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ).
          روى إسماعيل بن أبي زياد في «تفسيره» عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عن معاذ، سُئِلَ رَسُوْلُ الله صلعم : مَنْ أَيْنَ يُجَاءُ بِجَهنَّمَ؟ قَالَ: ((يُجَاءُ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ، لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يجرُّونها)).الحديث.
          قوله: ({غَسَّاقًا}[النبأ:25]) مخفَّف ومشدَّد، قرأ أبو عمرو: {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَاقًا}[النبأ:25] بالتَّخفيف، وقرأ الكِسَائي بالتَّشديد، قيل هو قيح غليظ، قاله عبد الله بن عمر، وقال يزيد ين وهب: هو صديدهم يصهرهم النَّار فيجتمع صديدهم في حياض فيُسْقَونه، وقيل: إنَّه ما يقطر من جلود أهل النَّار، قاله ابن فارس.
          قوله: (غَسَقَتْ عَيْنُهُ) أي: سالت، وغسِق جُرحه إذا سال منه ماء أصفر، والغسَّاق الماء البارد المنتن، وقيل: (غَسَقَتْ عَيْنُهُ) أي: أظلمت ودمعت.
          قوله: ({غِسْلِينٍ}[الحاقة:36] فِعْلِينُ مِنَ الغَسْلِ مِنَ الجُرْحِ وَالدَّبَرِ) بفتح الدَّال المهملة والموحَّدة، أي: الجراحة.
          قوله: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء:98]: حَطَبُ بِالحَبَشِيَّةِ) هذا القول أخرجه ابن أبي عاصم عن أبي سعيد الأَشَجِّ، حَدَّثَنا وَكَيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، قال: سمعت عِكْرِمَةَ به.قال ابن عَرَفَةَ: إن كان أراد حبشيَّة الأصل سمعتها العرب فتكلَّمت بها، فقد فصارت حينئذ عربيَّة، وإلَّا فليس في القرآن / غير العربيَّة، وقال ابن عُزَيْر: إن كان أراد أنَّ هذه الكلمة حبشيَّة وعربيَّة بلفظ واحد فهو وجه.
          قال الخليل: {حَصَبُ}[الأنبياء:98] ما هُيِّئَ للوَقود من الحطب، فإن لم يُهَيَّأ لذلك فليس بحصب، وقرأ ابن كثير بإسكان الصَّاد، وعن ابن عبَّاس بفتحها، ورُوِيَ عن عائشة: حَطَبُ جَهَنَّمَ.رُوِيَ عن ابن عباس لما نزلت: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء:98].قال ابن الزِّبَعْرى: أليس عُبِدَ (1) المسيح وعزير والملائكة، وأنت تقول: هم قوم صالحون، فنزلت: {إِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}[الأنبياء:101].واستجهل ابن الزِّبَعْريُّ فإنَّ {مَا} لما لا يعقل، فلا تدخل الملائكة والمسيح، ولو قيل إنَّكم ومن تعبدون يوجه اعتراضه ويردُّه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى}[الأنبياء:101].
          قوله: ({خَبَتْ}[الإسراء:97]: طَفِئَتْ) قال الضَّحاك: سكنت، وقال جماعة: إذا سكن لهبها وعلا الجمر رمادًا، قيل: خبت، فإن طُفِئَ بعض الجمر وسكن اللهب قيل خمدت، فإن طُفِئَت كلُّها ولم يبق منها شيء قيل همدت.
          قوله: ({تُورُونَ}[الواقعة:71] تَسْتَخْرِجُونَ) يشير إلى قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ}[الواقعة:71]، أي: التي تستقدحونها فتخرجونها من الزُّنود، والإيراء: الإيقاد.
          قوله: ({زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ}[هود:106] صَوْتٌ شَدِيدٌ ضَعِيفٌ) قال الجوهريُّ: الزَّفير أوَّل صوت الحمار، والشَّهيق آخره؛ لأنَّ الزَّفير إدخال النَّفَس والشَّهيق إخراجه، والزَّفير من الصَّدر، والشَّهيق من الحلق.وقال الدَّاوديُّ: الشَّهيق: الذي يبقى بعد الصَّوت الشَّديد من الحمار.
          قوله: ({وِرْدًا}[مريم:86]: عِطَاشًا) قال أهل اللُّغة: هو مصدر وردتُّ، والتَّقدير عندهم ذوي ورد، وقد حكوا أَنْ يُقَالُ للواردين الماء ورد، فلمَّا كانوا يردون على النَّار كما يرد العِطاش على الماء قيل لهم ورد، فعلى هذا يوافق اللُّغة، وقيل وردًا ورادًّا لقوله قومًا زورًا، أي: زوَّار.
          قوله: ({غَيًّا}[مريم:59]: خُسْرَانًا) قال ابن مسعود في قوله: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غِيًّا}[مريم:95] هو واد في جهنَّم، والمعنى: فسوف يلقون حرَّ الغيِّ، وقيل: سُمِّيَ الوادي غيًّا لأنَّ الغاوين يصيرون إليه.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ {يُسْجَرُونَ}[غافر:72] تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ) هذا رواه عنه عبد بن حُمَيْدِ عن رَوْحِ عن شِبْلِ عن ابن أبي نُجَيْح عن مُجاهد به.
          قوله: (مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ) بكسر راء مرج، ومنه مرج الخاتم في يدي إذا تلف، ومنه مرجت عهودهم، أي: اختلطت، ومعنى: وهم في أمر مريج، أي: ملتبس، يقولون مرَّة شاعر، ومرَّة ساحر، ومرَّة كاهن، ومرَّة مجنون.


[1] في الأصل:((عند)).