التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

          ░8▒ (بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ).
          قال أهل السُّنَّة: والجنَّة والنَّار مخلوقتان اليوم، وقالت المعتزلة: يُخلقَانِ يوم القيامة.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ) هو الرِّيَاحيُّ، وتقدَّم قريبًا أنَّ اسمه رُفَيْع، بضمِّ الرَّاء وفتح الفاء مُصغَّر.
          قوله: ({قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ}[البقرة:25]) / أي: أُتِينَا مِنْ قَبْلُ) قال ابن التَّين: صوابه: (أُوتِينَا) من أُوتِيتُه أُعطِيتُه، وليس هذا من أتيته إذا جئته، وقيل: هو الذي وعدناه في الدُّنيا.
          قوله: ({وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}[البقرة:25] يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا) يريد أنَّه يُشبِهُ ثمر الدُّنيا في التَّسمية ويختلف في الطَّعم.قال ابن عبَّاس: ليس في الدُّنيا شيء ممَّا في الجنَّة إلَّا الأسماء.وقال مجاهد وقتادة وقال الحسن: {مُتَشَابِهًا}[البقرة:25] أي: خيار لا رذل فيه، واختاره ابن كَيْسَان وأكثر أهل اللُّغة، قال ابن كَيْسَان: كما تقول تشابهت عليَّ الثِّياب فما أدري أيُّها أختار.
          قوله: ({الأَرَائِكُ}[الكهف:31]) السُّرُرُ) وقال ابن فارس: الأريكة: الحجلة على السَّرير لا تكون إلا كذا، وقال عن ثَعْلَب: الأريكة لا تكون إلَّا سريرًا متَّخَذًا في قُبَّةٍ عليه سُتُرٌ ومِخدَّة، وقال ابن عزير: أرائك: أسرَّةٌ في الحجال، واحدها أريكة، وكذلك قال غيره، ولا يُسَمَّى السَّرير أريكة حتَّى يُوضَعَ في الحجلة.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سَلْسَبِيلًا}[الإنسان:18] حَدِيدَةُ الجِرْيَةِ) هذا الأثر عن مُجاهد رواه الطَّبريُّ في «تفسيره» فقال: حدَّثنا ابن بشَّار، حدَّثنا عبد الرَّحمن، حدَّثنا سفيان عن ابن أبي نَجِيْحٍ عنه، وفي لفظ: (سِلْسِلَةُ (1)؟؟ الجِرْيَةِ).ومعنى قوله: (حَدِيدَةُ الجِرْيَةِ) سريع جريها، وأنكر هذا اللَّفظ بعضهم، وقيل اسم العين سلسبيل، ورُدَّ هذا بأنَّه لو كان لذلك لم ينصرف.وقال مجاهد: سلسلة لهم يصرفونها كيف شاؤوا.وقيل: سلسلة سائغة (2).
          قوله: ({غَوْلٌ}[الصافات:47]: وَجَعُ بَطْنِ)، هذا قول مُجاهد، وقال غيره: صُدَاع، وهو قول ابن عبَّاس وقتادة، وقيل: لا تغتال عقولهم فتذهب بها.وقيل: ليس فيها أذًى ولا مكروه.
          قوله: (الرَّحِيقُ: الخَمْرُ) هو قول ابن مسعود وابن عبَّاس.{يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}[المطففين:28] صرفًا، وتُمزَجُ لسائر أهل الجنَّة.
          قوله: (التَّسْنِيمُ) يعني في قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}[المطففين:27] شيء يعلو شراب أهل الجنَّة.قال الجوهريُّ: التَّسنيم: اسم ماء في الجنَّة، سُمِّيَ بذلك لأنَّه يجري فوق الغرف والقصور.
          قوله: ({خِتَامُهُ}[المطففين:26]: طِينُهُ {مِسْكٌ}[المطففين:26]) هذا قول مُجاهد، وقال سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرِ والنَّخَعِيُّ، {خِتَامُهُ}[المطففين:26]: آخر طعمه، وقال قتادة: عاقبته.
          قوله: ({عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ}[الواقعة:15]) أي: مَنْسُوجَةٍ بالجَوْهَر، ومنه: وختن النَّاقة، وهو كالحزام للسَّرج، وقيل: منسوجة بالذَّهب.
          قوله: ({عُرُبًا}[الواقعة:37]) مُثَقَّلَةً) بضَمِّ العين والرَّاء، (وَاحِدُهَا عَرُوبٌ) وهي المحبَّبة إلى الزَّوج الحَسَنَة التَّبعُّل، وقرأ: {عُرْبًا}[الواقعة:37] بسُكون الرَّاء أيضًا.و(العَرِبَةُ) بكسر الرَّاء.و(الغَنِجَةَ) بفتْح العين وكسر النُّون وبالجيم.و(الشَّكِلَةَ) بفتح الشَّين وكسر الكاف.
          قوله: (وَالمَخْضُودُ: / المُوقَرُ حَمْلًا) وقيل فيه غير ما ذُكِرَ، وأنَّه الذي لا شوك فيه، وهو قول أهل التَّفسير، أي: خُلِقَ كذلك، يُقَالُ خضدت الشَّجر قطعت شوكه، يعني خلقته خلقة المخضود، قاله أبو الأَحْوَص وعِكْرِمَة، والأوَّل قول قتادة.قال القاضي: هكذا وقع في جميع النُّسخ، وصوابه: والطَّلح الموز، والمنضود المُوقَرُ حَمْلًا الذي نُضِّدَ بعضه على بعض من كثرته، والطَّلح شجر العضاه.
          قوله: ({أَفْنَانٌ}[الرحمن:48]: أَغْصَانٌ) كذا قاله عكرمة، أي: ظلُّ الأغصان على الحيطان، وقال الضَّحاك: ذواتا أفنان ألوان من الفاكهة، والواحد _على قول عكرمة_ فَنْ، أي: غصن، وعلي قول الضَّحاك: ذواتا فنون ممَّا تشتهيه الأنفس.
          قوله: ({مُدْهَامَّتَانِ}[الرحمن:64]: سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ) هذا قول مجاهد، وقال أبو صالح: خضراوان، وقال عَطِيَّة: كادتا تكونان سوداوين من شدَّة الرِّيِّ، وهما خضراوان.وفي بعض النُّسخ: ({وَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ}[الرحمن:54]: مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ) قال عكرمة: ثمارها دانية لا يردُّهم عنها بُعْدٌ ولا شَوْك.


[1] في الأصل:((سلسلا)).
[2] صورتها في الأصل:((سابعة)).