التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: في النجوم

          ░3▒ بَابٌ فِي النُّجُومِ:
          (وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}[الملك:5] خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ)
          هذا التَّعليق عن قتادة أخرجه عبد بن حميد في «تفسيره» عن يونس عن سفيان عنه بلفظ: من تأوَّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه.قال الدَّاودي: وهو قول حسن، إلَّا قوله: (أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ) فقصر فيه، بل من قال فيها بالعصبيَّة كافر، وما قاله قتادة من أحسن ما يُرَدُّ به على القائلين بالنُّجوم، وهو يقتضي أنَّ الرَّجم بها لم يزل قبل البعثة.وقال ابن عبد السلام في «أماليه»: إن كان المراد الكواكب الظَّاهرة فهي على الأصح يُرجَمُ بها من زمان عيسى ◙ وإلى الآن، فكيف يُجمَعُ بين ذلك وبين ما يقوله أهل التَّواريخ والأرصاد، وأنَّه يقتضي ثبوتها في أماكنها، وأنَّه لم يُفقَدْ منها شيء ولا هي يُرجَعُ إلى مواضعها وإلَّا لزيَّناها ولم يرهما.وأجاب: بأنَّ الَّذي يُرجَمُ به شهب تُحلِّقُ عند الرَّجم، ولذلك قال أبو علي الفارسي في / قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}[الملك:5]: عائدة على السماء، أي: وجعلنا شهبها على حذف المضاف فصار الضَّمير للمضاف إليه، ولم يدلُّ دليل على أنَّها عند البعث ولا المولد، بل الأرجح ما ذكره المؤرِّخون، لما رُوِيَ أنَّه صلعم قال للعرب: ((ما كنتم تعدُّون هذا في الجاهليَّة)) يعني رمي الشهب مولد عظيم أو فقد عظيم؟ وهو في «الصحاح» انتهى.وفيما قاله نظر، وما حكاه البخاري عن قتادة عزاه الشَّيخ إلى ابن عبَّاس، وقال إنَّه لم يصحَّ، وليس كما قال.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عبَّاس: {هَشِيمًا}[الكهف:45] مُتَغَيِّرًا) هذا التَّفسير ذكره ابن أبي زياد عنه في تفسيره.والهشيم ما خفَّ من البيت أو تفتَّت، ويُقَالُ هشمته، أي: كسرته.
          قوله: (وَالأَبُّ مَا تَأْكُلُه الأَنْعَاُم) (الأَبُّ) المرعى، والكلأ ما تأكله الأنعام ممَّا لم يزرعه النَّاس، وقيل ما لان من النَّبات.وقوله في الآية: {مَتَاعًا لَكُمْ}[عبس:32] هذا متعلِّق بفاكهةٍ السَّابقة في الآية على قوله: وأبًّا.
          قوله: (وأمَّا بَرْزَخٌ: حَاجِبٌ) وفي نسخة: (حاجز) بالزَّاي، وهي رواية الكافَّة.قال القاضي: وهو الصَّواب.
          قوله: (وَالأنَّامُ: الخَلْقُ) في قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}[الرحمن:10] وهم عند ابن عبَّاس النَّاس، وعند الحسن الجنُّ والإنس، وعند مجاهد وقتادة كلُّ ذي روح، وهو في اللُّغة من النَّعيم، وهو الصوب على القلب.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلْفَافًا}[النبأ:16] مُلْتَفَّةً) هذا التَّفسير رواه ابن جريج عن محمَّد بن عمرو: حَدَّثَنَا أبو عاصم، حَدَّثَنَا عيسى، وحدَّثني الحارث، حَدَّثَنَا الحسن، حَدَّثَنَا الورقاء جميعًا عن ابن جريج عن مجاهد، فذكره.
          وواحد الألفاف لف وقيل لفيف، وحكى الكسائي أنَّه جمع الجمع، وقال أبو جعفر الطبري: اختلف أهل العربيَّة في واحد الألفاف، فقال بعض نحويي البصرة لف، وقال بعض نحويي الكوفة لف ولفيف.قال: وإن شئت كان الألفاف جمعًا، وواحده جمع أيضًا، تقول: جنَّة لفًا وجنَّات لفًّا، ثم جمع اللف ألفاف، وقال آخر منهم: لم يُسمَعْ شجر لف، ولكن واحدها لفًّا وجمع لف ألفاف، فهو جمع الجمع، والصَّواب من القول في ذلك أنَّ الألفاف جمع لفٍّ أو لفيف، وذلك أنَّ أهل التَّأويل مجمعون على أنَّ معناها ملتفَّة، واللفاء هي الغليظة وليس الالتفاف من الغلظ في شيء، إلَّا أن يُوجَّه إلى أنَّه غلظ بالالتفاف فيكون ذلك حينئذ وجهًا.والمراد بقوله ألفافًا أي: بساتين ذات كروم وأشجار جنان فحُذِفَ المضاف، وألفافًا أي: ملتفَّة النَّبات لا يتخلَّلها غيرها، فقال: شجر ألفاء، وإذا التفَّ بعضها ببعض، وتقدَّم أنَّ واحدها لف بالكسر وقيل لفيف.وقال أبو العبَّاس: الواحد لفًا بالفتح فجُمِعَ على لفة بالضَّم كحمراء وحمر، ثم جُمِعَ لف على ألفاف كقفل وأقفال .
          قوله: / (وَالغُلْبُ: المُلْتَفَّةُ) قال ابن عبَّاس: غلب غلاظ، وقيل العدل الحسان.قوله: {نَكِدًا}[الأعراف:58] قَلِيْلًا) زاد جماعة قليلًا غراء.قال مجاهد: هو تمثيل؛ يعني أنَّ في بني آدم الطَّيِّب والخبيث.