التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب الدفن بالليل

          ░69▒ (بَابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)
          قوله: (وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ ☺ لَيْلًا) هذا أخرجه ابن أبي شيبة عن القاسم بن محمَّد، ثم رُوي عن ابن السَّبَّاق _واسمه عبيد_: ((أنَّ عمر دفن أبا بكر ليلًا ثمَّ دخل المسجد فأوتر)) ثمَّ رواه كذلك عن عقبة وعائشة،.
          وأما فقه الباب: بجواز الدفن ليلًا بلا كراهة، وكرهه الحسن البصري وكذا قتادة فيما رواه عنه ابن أبي شيبة وسعيد بن المسيَّب كما ذكره ابن حزم، وكذا الدَّارِكي مِن الشَّافعية، وحجَّتنا أنَّه صلعم فعله كما رواه أبو داود وصحَّحه الحاكم مِن حديث جابر، ولم ينكر على / مَن دُفن ليلًا، لكنَّ الدَّفن نهارًا أفضل خروجًا مِن خلاف مَن كرهه، ولأنَّه أيسر للاجتماع، ولعلَّ محلَّ الكراهة عند القائل بها حيث لا ضرورة مِن خوف تغيُّر مِن مات آخر النَّهار أو أوَّل اللَّيل قبل أن يصبح، وكمَن مات يركب (1) الحجاز في اللَّيل حيث لا إقامة بموضعه ونحو ذلك فليتأمَّل.
          وفي «صحيح مسلم» مِن حديث جابر ((زجر النبيُّ صلعم أن يقبر الرَّجل باللَّيل إلَّا أن يضطر إلى ذلك)) ولما روى الطَّحاوي مِن حديث ابن عمر أنَّه ╕ نهى عن الدَّفن ليلًا، قال: يجوز أن يكون النَّهي عن ذلك ليس مِن طريق كراهة الدَّفن باللَّيل لأنَّه أراد أنْ يصلي على جميع الموتى بالمدينة لما لهم في ذلك مِن الخير والرَّحمة، وقيل: إنَّما نهى عنه لمعنى آخر رواه أشعث عن الحسن: ((أنَّ قومًا كانوا يسيئون الكفار (2) موتاهم، فنهي عن دَفن اللَّيل لذلك))، ورُوي عن جابر نحو ذلك. ولابن شاهين مِن حديث ابن عباس مرفوعًا: ((بادروا بموتاكم ملائكة النَّهار فإنَّهم أرأف مِن ملائكة اللَّيل)) وعن ابن عمر مرفوعًا: ((مَن مات عشية فلا يبيتنَّ إلَّا في قبره)).


[1] في الأصل:((يركب)) غير واضح.
[2] هكذا في الأصل، ولعله((أكفان)) للمراجعة.