التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب ما يكره من النياحة على الميت

          ░33▒ (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)
          قوله: (وَقَالَ عُمَرُ: دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ. وَالنَّقْعُ: التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ: الصَّوْتُ) هذا التَّعليق عن عمر أسندَه البيهقي مِن حديث الأعمش عن شقيق قال: ((لمَّا مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة مِن آل المغيرة يبكين عليه، فقيل لعمر: أرسل إليهنَّ فانههنَّ، فقال عمر: ما عليهم أن يهرقنَ دموعهنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ)) وقد عُرف منه أنَّ أبا سليمان هو خالد بن الوليد، والنَّقْع بفتح النون وسكون القاف، وهو وضع التراب على الرأس مِن النقع، وهو الغبار، وتفسيره بذلك هُو أحد الأقوال فيه، وقال ابن فارس: النَّقع؛ الصُّراخ، ويُقال هو النَّقيع، والنَّقع الغبار، وقال الهَرَوي: إنَّه رفع الصوت بالبكاء، وحُكي عن الأكثرين، والتحقيق أنَّه مشترك يُطلق على الصوت وعلى الغبار، ولا يبعد أن يكونا مرادين، لكن حَمْلُهُ على وضع التُّراب على الرَّأس أولى لأنَّه قرن به اللَّقْلَقَةُ وهو الصوت، فحَمْلُ اللَّفظين على معنيين أولى مِن حملهما على معنى واحد، واللَّقْلَقَةُ بقاف مكرَّرة وبلامين؛ الصِّياح والجلبة عند الموت، وكأنَّها حكاية الأصوات الكثيرة، وقال الهَرَوي: اللَّقْلَقَةُ كأنَّها حكاية الأصوات إذا كثُرت، وقيل: النَّقع / هي شقُّ الجيوب، وقال الأزهري: هو صوت لدم الخدود إذا ضُربت، وقال الكِسائي: هو صنعة الطعام في المأتم، قال أبو عبيد: النَّقيعة طعام القدوم مِن السفر لا هذا، وقال القزَّاز: اللَّقْلَقَةُ تتابع الأصوات كما تفعل النساء في المأتم، وهو شدَّة الصوت، وقال ابن سيده عن ابن الأعرابي: تقطيع الصوت، فإن قيل قد نهى عمر صهيبًا عَن بكاءه، وهنا لم ينَه النِّسوة عن البكاء؟ قيل: لأنَّ صهيبًا بكى عمر بندب وصياح، فقال: (وَا صَاحِبَاهُ وَا أَخَاهُ) فنهاه لأجلِ ذلك.