التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه

          3500- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الحَكَمُ بنُ نافع، و(شُعَيْبٌ): هو(1) ابنُ أبي حمزة، و(الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّدُ بن مسلم(2).
          قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي): تَقَدَّمَ الكلام على (العاصي)، وأنَّ النَّوويَّ قال: (الصحيحُ إثباتُها مع «ابن أبي الموالي»، و«ابن الهادي»، و«اليماني»، و«ابن العاصي»)، وما قاله ابن الصلاح في (العاصي) فقط [خ¦83].
          قوله: (مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ): هذا الملك: قال القرطبيُّ عن ابن دِحية الحافظِ عُمرَ بنِ الحسن ابن جُمَيِّل: (لعلَّه الذي يُقَال له: الجهجاه)، انتهى، قال بعضُ حفَّاظِ هذا العصر: (قيل: الجهجاه)، انتهى، وفي «مسلم»: «لا تذهب الأيَّام والليالي حتَّى يملك رجلٌ يقال له: الجَهْجَاه»، انتهى، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (في غير «مسلم»: «رجلٌ من الموالي يقال له: جهجاه(3)»، فسقط من رواية الجلوديِّ: [من الموالي] وهو خطأ)، انتهى.
          و(قحطان): مِنَ اليمن، وهو يَقْطُن، وهو لقبه، وقيل: اسمه يقطان، وسُمِّيَ بقحطان؛ لأنَّه كان أوَّلَ من قحط أموال الناس من ملوك العرب، وقال ابنُ ماكولا: اسمه مُهَرِّم؛ براء مكسورة، قال السُّهَيليُّ: (واختُلِف [فيه] _أي: في قحطان_؛ فقيل: إنَّه ابن عابر بن شالخ، وقيل: هو ابن عبد الله أخو هود، وقيل: هو هود نفسُه، فعلى هذا القول مِن إرم، ومَن جعل العرب كلَّها من إسماعيل؛ قالوا فيه: هو ابن تيمن بن قيذر بن إسماعيل، ويقال: ابن الهمَيسع بن يمن، وقال ابنُ هشام: يمن: هو يَعْرُب بن قحطان...) إلى آخر كلامه.
          قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام عَلَيها إعرابًا، وفي أوَّل مَن قالها، في أوَّل هذا التعليق [خ¦7]. /
          قوله: (إِنَّهُ بَلَغَنِي...) إلى آخره: إنكار معاوية عليه؛ لأنَّه حَمَل الحديثَ على ظاهره، وقد يخرج قحطانيٌّ في ناحيةٍ مِن نواحي الإسلام متغلِّبًا لا خليفةً، أو يُحمَل حديثُ معاوية على الأكثر، ولهذا قال: (الأمر في قريش)؛ يعني: الخلافةَ، وقال ابن التين: (كأنَّ المعنى: إيَّاكم وقراءةَ ما في الصُّحف التي تُؤثَر عن أهل الكتاب ما لَمْ يأتِ به الشارع، وكان عبد الله بن عَمرو قد قرأ التوراة، ويحكي عن أهلها، لا أنَّه حدَّث به عن الشارع؛ إذ لو حدَّث به عنه؛ لما استطاع أحدٌ ردَّه؛ لأنَّه لَمْ يكن مُتَّهمًا، والله أعلم، قاله شيخنا، وسيأتي قريبًا ما يشدُّ كلام عبد الله بن عَمرو بن العاصي من كلام صاحب «المفهِم»، والله أعلم.
          قوله: (وَلَا تُؤْثَرُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ ومعناه: تُحفَظ وتُنقَل.
          قوله: (فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِيَّ): هو(4) جمع (أمنيَّة)، وهو(5) مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ.
          قوله: (إِنَّ هَذَا الأَمْرَ): أي: الخلافة.
          قوله: (إِلَّا كَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ): معناه: صرعه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا من النوادر أن يقال: أَفْعَلتُ أنا، وفَعَلْتُ غيري، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التعليق أنَّ لهذا الفعل إخوةً؛ فانظر ذلك [خ¦27]، كذا في أصلنا: (كبَّه الله)، وقد أُلْحِق فيه ألفٌ، فصار: (أكبَّه الله على وجهه)، وعدمُ ثبوتها المشهورُ، لكن حكى شيخنا مجد الدين في «قاموسه»: («كبَّه»: قلبه وصرعه كـ«أكبَّه»، وكَبْكَبَهُ فأكبَّ، وهو لازمٌ مُتَعدٍّ).
          قوله: (مَا أَقَامُوا الدِّينَ): أي: مدَّة إقامتهم للدِّين، والله أعلم.
          ثُمَّ اعلم أنَّه ليس في حديث معاوية ما يردُّ حديثَ عبد الله بن عَمرو، وإنَّما أراد ╕ أنَّهم أحقُّ بهذا الأمر، وأنَّه لم يُرِد أنَّه لا يوجد في غيرهم، قال صاحب «المُفهِم»: (هذا الذي أنكره معاويةُ على عبد الله بن عَمرو قد صحَّ من حديثِ غيرِه على ما رواه البُخاريُّ بعدُ من حديث أبي هريرة عنه ╕: «لا تقوم الساعة حتَّى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه» [خ¦3517]، ولا تناقضَ بين الحديثَين؛ لأنَّ خروج هذا القحطانيِّ إذا لم تُقِم قريشٌ الدِّينَ، فيُدَالُ عليهم آخرَ الزمان، فلعلَّه هو الملك الذي يخرج عليه الدَّجَّال)، انتهى، وهذا فيه نظرٌ، إنَّمَا يخرج على المهديِّ، والله أعلم.


[1] في (ب): (أنَّه).
[2] زيد في (ب): (الزُّهري).
[3] في (ب): (الجهجاه)، «مسند الإمام أحمد» ░2/329▒ ░8364▒، «سنن الترمذيِّ» ░2228▒.
[4] في (ب): (هي).
[5] في (ب): (وهي)، والمثبت هو الصَّواب.