التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من تصدق إلى وكيله

          قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم أنَّ قولَ البخاريِّ: (قال فلانٌ) وفلانٌ المُسنَدُ إليه القولُ شيخُه _كهذا_؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وهو متَّصل، وأنَّ المِزِّيَّ والذَّهبيَّ يجعلان هذا وأمثالَهُ تعليقًا [خ¦142].
          و(إسماعيل) هذا: هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، ابنُ أختِ مالكٍ الإمامِ، تَقَدَّم مرارًا، كذا جعل هذا الحديثَ المِزِّيُّ في ترجمة عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون عن إسحاق، عن أنس، وعنه: إسماعيل بن أبي أويس، وعلَّم عليه تعليقًا، كما قدَّمتُه لك، ورأيتُ بخطِّ بعضِ مُحدِّثي دمشقَ الفضلاء وممَّن صاحبناه وسمع بقراءتي(1) وسمعتُ بقراءته وصحبته بدمشقَ والقاهرةِ وحلبَ ما صورته: (في كتاب أبي مسعود وكتاب خلف: وقال إسماعيل بن جعفر، والصَّواب إن شاء الله: إسماعيل بن أبي أويس)، تمَّت، وكذا قال شيخُنا، غير أنَّه زاد: أنَّه في نسخة الدِّمياطيِّ مسنَدٌ، وإسماعيل بن جعفر ليس من مشايخ السِّتَّة، وإنَّما هو من شيوخ شيوخهم، وهو إسماعيل ابن جعفر المدنيُّ، عن عبدِ الله بن دينار والعلاءِ، وعنه: عليُّ بن حُجْر وخلقٌ، تُوُفِّيَ سنة ░180هـ▒، أخرج له الجماعةُ، مِن ثقات العلماء، فإن كان كما قال أبو مسعود وخلف؛ فهو تعليقٌ اتِّفاقًا، لا يخالف في هذا ابنُ الصَّلاح ولا غيرُه، والله أعلم.
          قوله: (جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه زيدُ بن سهل، وتَقَدَّم بعضُ ترجمتِه [خ¦371]، وكذا تَقَدَّم (بَيْرُحَاءَ): وأين هي، وضبطها، واللُّغات فيها، وكذا تَقَدَّم الكلام على (بَخْ)، و(رَابِحٌ) هنا في أصلنا بالموحَّدة، وقد تَقَدَّم ما فيه [خ¦1461].
          قوله: (وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِي [مَوْضِعِ] قَصْرِ بَنِي جَدِيلَةَ الَّذِي(2) بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ): (جَدِيلة): في أصلنا بالقلم بفتح الجيم، وكسر الدال المهملة، وقال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»: (وحُدَيلة؛ بالحاء المهملة المضمومة وفتح الدَّال: هم بنو حُدَيلة؛ بطنٌ مِن الأنصار، وهم بنو معاوية بن عمرو ابن مالك بن النَّجَّار، وحُدَيلة أمُّهم، وإليهم يُنسَبُ قصر بني حُديلة)(3) انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته»: في (الحاء والدَّال المهملتين واللَّام): (وفيه قصر بني حُدَيلة؛ بضَمِّ الحاء، وفتح الدال، وهي محلَّة بالمدينة، تُنسَب إلى بني حُديلة؛ بطنٌ من الأنصار) انتهى، وقال أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس في «السِّيرة» في (العقبة الثَّالثة): (وحُدَيلة أمُّ معاوية بن عمرو، وهي ابنة مالك ابن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غَضْب بن جُشم بن الخزرج) انتهى، وفي «إكمال ابن ماكولا»: (حديلة) وذكر فيها كلام شَبَاب فقال: (حُدَيلة هو معاوية بن عمرو بن مالك ابن النَّجَّار)، انتهى، فعلى هذا: حُدَيلة لقبٌ لمعاوية، وقال الأمير عن ابن إسحاق: (بنو(4) عمرو ابن مالك بن النَّجَّار: هم بنو حُدَيلة)، وقد ذكر غير واحد من الحُفَّاظ: أنَّه بالحاء المهملة المضمومة، وإنَّما أحببتُ ذكرَه مِن عند الذين ذكرتهم؛ لأنَّ فيه ذكرَ القصر الذي وقع في «البخاريِّ»، وإلَّا؛ فلو سقته من غير تعيين (قصر)؛ لقال بعضُ مَن لا يعلم شيئًا غير الجدال غيرَ ما ذكرتُه، فالصَّواب: النطق بما وقع في «البخاريِّ»: بالحاء المضمومة المهملة(5)، وفتح الدال، وكذلك هو في نسخة الدِّمياطيِّ على الصَّواب، فينبغي أن يُقرَأ أوَّلًا بالصَّواب، ثمَّ يقول القارئ: ووقع في الأصل: (جَدِيلة)، والله أعلم.


[1] (وسمع بقراءتي): سقط من (ب).
[2] في (ب): (التي)، والمثبت هو الصَّواب.
[3] زيد في (ب): (بطن من الأنصار، وهم بنو معاوية المذكور).
[4] في (ب): (هو)، وهو تحريفٌ.
[5] (المهملة): سقط من (ب).