التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لما نهى النبي عن الأسقية قيل للنبي

          5593- قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ(1)): هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، الجِهبذ، و(سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و(أَبُو عِيَاض): قال الدِّمْيَاطيُّ: (واسمه: عَمرو بن الأسود، وقيل: قيس بن ثعلبة الكوفيُّ، انفرد به البُخاريُّ، كان حيًّا في ولاية معاوية)، انتهى، عمرو بن الأسود العنسيُّ، ويقال: الهمْدانيُّ، أبو عياض، وقيل: أبو عبد الرحمن، الدِّمَشْقيُّ، الدَّارانيُّ، ويقال: الحمصيُّ، أحد زُهَّاد الشَّام الكبار، وهو عُمَير بن الأسود، ترجمته معروفة، فلا نُطوِّل بها.
          قوله: (لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صلعم عَنِ الأَسْقِيَةِ(2)): هذا وَهَم في الرِّواية، وإنَّما هو: (عن الأوعية)، كما سيأتي مِن رواية ابن عيينة، قال في «المطالع»: (لأنَّه لم ينهَ عن الأسقية؛ إنَّما نهى عن الظُّروف، وأباح الانتباذ في الأسقية، فقيل له: «ليس كلُّ النَّاس يجد سقاء»، وكذلك قال لوفد عبد القيس حين قالوا: فيمَ نشرب؟ قال: «في أسقية الأدم»، وقد جاء [أنَّه] نهى عن النَّبيّذ إلَّا في الأسقية، على هذا كذلك، إلَّا أنَّه سقطت «إلَّا» من الراوي لفظًا أو خطًّا، ومعنى ذلك: أنَّ الأسقية يتخلَّلها الهواء مِن مسامِّها، فلا يُسرِع إليها الفسادُ مثل ما يُسرِع إلى الظُّروف المنهيِّ عنها، وأيضًا فإنَّ التغيُّر يَظهَر فيها؛ إمَّا بانتفاخها أو انشقاقها)، انتهى، قاله ابن قُرقُول، ولشيخنا فيه كلام، قال شيخنا: («عن الأسقية» يريد: عن الظُّروف إلَّا الأسقية، يُوضِّحه باقي الحديث؛ إذ قيل له: «ليس كلُّ النَّاس تجد سقاء»، فرخَّص لهم في الجَرِّ غير الُمزفَّت؛ أي: عن المطليِّ بالزفت)، وهذا أحسن مِن التوهيم، والله أعلم، واعلم أنَّ مسلمًا روى هذا الحديث، فقال: ([لما] نهى رسول الله صلعم عن الأوعية قالوا: ليس كلُّ النَّاس يجدُ، فأرخص لهم في الجَرِّ غير المُزفَّت)، فهذا هو الصَّواب، والله أعلم.
          قوله: (فِي الْجَرِّ): هو بفتح الجيم، وتشديد الرَّاء، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: (الجرَّة مِن الخَزَف، والجمع: جرٌّ وجِرار(3)).
          قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو فيما يظهر أبو بكر ابن أبي شيبة عبدُ الله بن مُحَمَّد، وقد رواه مسلم عنه عن سفيان: هو ابن عيينة، ويحتمل أن يكون المسنديَّ، فإنَّه روى أيضًا عن ابن عيينة، لكنَّ الذي يترجَّح في فهمي أنَّه أبو بكر ابن أبي شيبة؛ لرواية مسلم عنه عن سفيان ذلك، وقد أخرج هذا الحديث البُخاريُّ [خ¦5592]، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، ولم يروه أحدٌ منهم عن المسنديِّ، وإنَّما رواه مسلم عن ابن أبي شيبة، فالظَّاهر أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد في «البُخاريِّ»، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر: (الظاهر أنَّه المسنديُّ)، وقد تَقَدَّمَ كلامه مُطَوَّلًا في (الجمعة) [خ¦899].


[1] كذا جاء حديث عليِّ بن عبد الله في (أ) و(ق) مُقدَّمًا على حديث عبد الله بن محمَّد، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» بتأخيره.
[2] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة» (الأوعية).
[3] في (أ): (جرانٌ)، والمثبت من مصدره، وهو موافق لما ورد في الحديث ░4368▒، ولما يشير إليه في المواضع اللاحقة.