تغليق التعليق

سورة الكهف

          ░18▒ من تفسير سورة الكهف
          قوله فيه: وقال مجاهد: {تَّقْرِضُهُمْ}: تتركهم. {وَكَانَ لَهُ ثُمْرٌ}: ذهب وفضة.
          قال الفريابيُّ: حدَّثنا ورقاء، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: {تَّقْرِضُهُمْ} [الكهف:17] : تتركهم.
          وبه في قوله: {وَكَانَ لَهُ ثُمْرٌ} [الكهف:34] قال: ذهب وفضة.
          قوله فيه: وقال ابن عباس: {أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ}: لم تنقص.
          قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبي: حدَّثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: {آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف:33] : لم تنقص.
          قوله فيه: وقال سعيد عن ابن عباس: {الرَّقِيمِ}: اللوح من رصاص، كتب عاملهم أسماءهم، ثم طرحه في خزانته، فضرب الله على آذانهم فناموا.
          هذا طرف من حديث طويل قال عبد بن حميد في «تفسيره»: حدَّثنا عيسى بن الجُنيد: حدَّثنا يزيد بن هارون.
          (ح): وقال ابن أبي حاتم في «تفسيره»: حدَّثنا أبي: حدَّثنا عمرو بن عون: حدَّثنا يزيد بن هارون _والسِّياق لعبد_ أخبرنا سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: غزونا مع معاوية غزوة المصيف، فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، الذين ذكر الله في القرآن، فقال معاوية: لو كُشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقال ابن عباس: ليس ذلك لك، قد منع الله ذلك من هو خير منك، فقال: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف:18] قال معاوية: لا أنتهي حتى أعلم علمهم، قال: فبعث ناسًا، فقال: اذهبوا فانظروا فلما دخلوا الكهف، بعث الله عليهم ريحًا، فأخرجتهم، فبلغ ذلك ابن عباس، فأنشأ يُحدثهم عنهم، فقال: إنهم كانوا في مملكة ملك من هذه الجبابرة، فجعلوا يعبدون حتى عبدوا(1) الأوثان قال: وهؤلاء الفتية بالمدينة، فلما رأوا ذلك؛ خرجوا من تلك المدينة على غير ميعاد، فجمعهم الله ╡، على غير ميعاد، فجعل بعضهم يقول لبعض: أين تريدون؟ أين تذهبون؟ قال: فجعل بعضهم يُخفي من بعض؛ لأنه لا يدري هذا على ما خرج هذا، فأخذ بعضهم على بعض المواثيق / أن يُخْبِرَ بعضهم بعضًا، فإن اجتمعوا على شيء، وإلا كتم بعضهم على بعض قال: فاجتمعوا على كلمة واحدة: {فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا. هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا. وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ} إلى قوله: {مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا} [الكهف:14-16] قال: فهذا قول الفتية قال: ففُقدوا، فجاء أهل هذا يطلبونه، لا يدرون أين ذهب، وجاء أهل هذا يطلبونه، لا يدرون أين ذهب، فطلبهم أهلوهم، لا يدرون أين ذهبوا، فرُفع ذلك إلى الملك، فقال: ليكونن لهؤلاء شأن بعد اليوم، قوم خرجوا ولا يُدرى أين توجهوا في غير جناية، ولا شيء يُعرف، فدعا بلوح من رصاص، فكتب فيه أسماءهم، وطرحه في خزانته، فذلك قول الله تبارك وتعالى: {أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف:9] والرقيم: هو اللوح الذي كتبوا، قال: فانطلقوا حتى دخلوا الكهف، فضرب الله على آذانهم، فناموا، قال: فقال ابن عباس: والله لو أن الشمس تطلع عليهم؛ لأحرقتهم، ولولا أنهم يُقلَّبون؛ لأكلتهم الأرض، فذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ [وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا. وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ] وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف:17-18] يقول: بالفناء، {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف:18] ، ثم إن ذلك الملك ذهب وجاء ملك آخر، فكسر تلك الأوثان وعبد الله، وعدل في النَّاس، فبعثهم الله لما يريد، فقال بعضهم لبعض: {كَمْ لَبِثْتُمْ} قال بعضهم: {يَوْمًا}، وقال بعضهم: {بَعْضَ يَوْمٍ}: وقال بعضهم: أكثر من ذلك فقال كبيرهم: لا تختلفوا، فإنه لم يختلف قوم قط إلا هلكوا، قال: فقالوا: ابْعَثُوا {أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} [الكهف:19] يعني بأزكى: بأطهر، إنهم كانوا يذبحون الخنازير، قال: فجاء إلى المدينة، فرأى شارة أنكرها وبنيانًا أنكره، ثم دنا إلى خباز، فرمى إليه بدرهم، فأنكر الخباز الدرهم، وكانت دراهمهم كخفاف الربع _يعني: والربع: الفصيل_، قال: فأنكر الخباز، وقال: من أين لك هذا الدرهم؟ لقد وجدت كنزًا لتدلني على هذا الكنز أو لأرفعنك إلى الأمير، قال: أتخوفني بالأمير، وإني لدهقان الأمير! فقال: من أبوك؟ قال: فلان، فلم يعرفه، فقال: من الملك؟ فقال: فلان، فلم يعرفه قال: فاجتمع النَّاس، وَرُفِعَ إلى عاملهم، فسأله، فأخبره، فقال: عليَّ باللوح قال: فجيء به، فسمَّى أصحابه فلان وفلان، وهم في اللوح مكتوبون قال: فقال النَّاس: قد دلَّكُم الله على إخوانكم، قال: فانطلقوا، فركبوا حتى أتوا الكهف، فقال الفتى: مكانكم أنتم حتى أدخل على أصحابي، لا تهجموا عليهم، فيفزعوا منكم وهم لا يعلمون أن الله قد أقبل بكم وتاب عليكم، فقالوا: آلله لتخرجن إلينا، قال: إن شاء الله، فلم يُدْرَ أين ذهب، وعُمِّيَ عليهم المكان، قال: فطلبوا وحرصوا، فلم يقدروا على الدخول عليهم، فقالوا: أكرموا إخوانكم، قال: فنظروا في أمرهم فقالوا: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا} [الكهف:21] ، فجعلوا يُصلُّون عليهم، ويستغفرون لهم، ويدعون لهم، فذلك قول الله تعالى: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف:22] يعني: اليهود. {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا. إِلَّا أَن يَشَاء اللهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف:23-24] ، فكان ابن عباس يقول: إذا قلتَ شيئًا فلم تقل: إن شاء الله؛ فقل إذا ذكرت: إن شاء الله.
          هذا إسناد صحيح، قد رواه عن سفيان بن حسين أيضًا هشيم وغيره، وسفيان بن حسين ثقة حجة في غير الزهريِّ، وإنما ضعفه من ضعفه في حديث الزهريِّ؛ لأنه لم يضبط عنه.
          وقد أخرج البخاريُّ ليعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عدة أحاديث، وعلق هذه القطعة منه، فأوردته بتمامه للفائدة.
          ورويناه من طريق أخرى، عن عمر بن قيس، عن سعيد بن جبير مختصرًا، لكنه لم يذكر ابن عباس.
          قوله فيه: وقال مجاهد: {مَوْئِلًا}: مَحْرِزًا، {لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا}: لا يعقلون.
          قال الفريابيُّ: حدَّثنا ورقاء، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: {ولَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا} [الكهف:58] قال: مَحْرِزًا.
          وقال عبد: أخبرني شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: {لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف:101] قال: لا يعقلون سمعًا.
          قوله في أواخر السُّورة: وعن يحيى ابن بكير، عن المغيرة بن عبد الرَّحمن، عن أبي الزناد مثله.
          هو معطوف على قوله قبله: [حدثنا محمَّد] : حدَّثنا سعيد ابن أبي مريم: أخبرنا المغيرة. والتقدير: حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا سعيد بن أبي مريم، ويحيى ابن بكير، قال سعيد: أخبرنا المغيرة. وقال يحيى ابن بكير: عن المغيرة. [خ¦4729]
          وفي الكتاب لذلك نظائر، وليس من التَّعليق، وإنما نبَّهنا عليه؛ لئلا يظن أنَّه منه، كما سبق نظيرٌ لذلك.


[1] في نسخة السخاوي: (حتى عبدة).