تغليق التعليق

كتاب الديات

          ░░87▒▒ وَمِنْ كِتَابِ الدِّياتِ.
          قولُهُ فيه: وقال حبيب بن أبي عمرة عن سعيد، عن ابن عبِّاس قال: قال النَّبيُّ صلعم للمقداد: «إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلْتَهُ، فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلُ». [خ¦6866]
          هذا طرفٌ من حديث قرأته على فاطمة بنت محمَّد بن المنجى: أخبركم سليمان بن حمزة في كتابه: أنَّ محمَّد بن عبد الواحد الحافظ أخبره: أخبرنا أبو(1) جعفر الصيدلانيُّ: أنَّ فاطمة بنت عبد الله أخبرتهم: أخبرنا محمَّد بن عبد الله: أخبرنا سليمان بن أحمد: حدَّثنا أحمد بن عليِّ بن الجارود: حدَّثنا الحكم بن ظبيان المازنيُّ: حدَّثنا جعفر(2) بن سلمة الورَّاق: حدَّثنا أبو بكر بن عليِّ بن عطاء بن مقدم: حدَّثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس قال: بعث رسول الله صلعم سريَّةً فيها / المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم؛ وجدوهم قد تفرَّقوا، وبقي رجلٌ له مال كثير لم يتروح(3) فقال: أشهد أن لا إله إلَّا الله، فأهوى إليه المقداد فقتله، فقال له رجلٌ من أصحابه: أقتلت رجلًا قال: لا إله إلَّا الله؟! [والله] والله ليُذْكرنَّ ذلك للنَّبيِّ صلعم، فلما قدموا على النَّبيِّ صلعم؛ قالوا: يا رسول الله؛ إنَّ رجلًا شهد أن لا إله إلَّا الله، فقتله المقداد، فقال: «ادْعُوا لِي المِقْدَادَ»، فقال: «يَا مِقْدَادُ؛ قَتَلْتَ رَجُلًا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟! فَكَيْفَ لك بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟» قال: فأنزل الله ╡: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنِ ألقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} إلى قوله: {عَلَيْكُمْ} [النِّساء:94] فقال رسول الله صلعم للمقداد: «كَانَ رَجُلًا مُؤْمِنًا يُخْفِي إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَقَتَلْتَهُ، وَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ قَبْلُ، تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ».
          وأنبأنا به عاليًا أبو الحسن بن أبي المجد شفاهًا، عن القاسم بن مظفَّر بن عساكر، عن أبي الحسن بن المقيَّر، عن أبي الكرم الشَّهرزوريِّ، عن أبي الغنائم بن المأمون: أخبرنا أبو الحسن عليُّ بن عمر الدَّارقطنيُّ: حدَّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمَّد بن سعيد البزَّاز: حدَّثنا محمَّد بن عبد الملك بن زنجويه أبو بكر: حدَّثنا جعفر بن سلمة أبو سعيد مولى خزاعة بصريٌّ: حدَّثنا أبو بكر بن عليِّ بن عطاء بن مقدم؛ فذكره.
          وقال الدَّارقطنيُّ: هذا حديث غريب من حديث سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس، تفرَّد به حبيب بن أبي عمرة، وتفرَّد به أبو بكر بن عليِّ بن مقدم وهو أخو عمر بن عليٍّ، وأبو بكر هذا والد محمَّد، وهو غريب الحديث.
          قلتُ: ورواه البزَّار في «مسنده» عن أحمد بن عليِّ [بن] البغداديِّ، عن جعفر بن سلمة به، وقال: لا نعلمه يروى عن ابن عبَّاس إلَّا من هذا الوجه، ولا له عنه إلَّا هذا الطَّريق، انتهى.
          ورواه أَسْلَمُ بن سهل في «تاريخ واسط» من هذا الوجه، وأبو بكر المذكور روى عنه أيضًا عبد الله بن المبارك وغيره، ولم يذكره أحدٌ بجرحٍ، والرَّاوي عنه وثَّقه أبو حاتم وغيره.
          وقد رُويَ الحديث المذكور [عن] وكيع، عن سفيان الثَّوريِّ، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير مرسلًا، لم يذكر ابن عبَّاس.
          وهي متابعة جيِّدة رُوِّيناه في «تفسير أبي جعفر».
          وهكذا رواه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» من طريق أبي إسحاق الفزاريِّ عن سفيان الثَّوريِّ.
          وكذا رواه ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» عن وكيع.


[1] (أبو): ليس في المطبوع.
[2] في المطبوع: (حفص).
[3] في المطبوع: (يبرح).