تغليق التعليق

سورة المائدة

          من تفسير سورة المائدة
          قوله فيه: قال سفيان: ما في القرآن آية أشد علي من: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواِ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} [المائدة:68] .
          وقال ابن عباس: {مَخْمَصَةٌ}: مجاعة. {مَنْ أَحْيَاهَا}: يعني من حرم قتلها إلا بحق حيي النَّاس منه جميعًا. {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}: سبيلًا وسنة(1) . {فَبِمَا نَقْضِهِم}: بنقضهم. {التي كتب الله} [المائدة:21] : حرم، واحدها: حرام. {تَبُوءَ}: تحمل. {دَائِرَةٌ} [المائدة:52] : دولة. الْمُهَيْمِنُ: الأمين، القرآن أمين على كل كتاب قبله.
          قلت: وأكثر هذه التفاسير وقع غير منسوب لأحد عند الأكثر. /
          أما قول سفيان...
          وأمَّا تفاسير ابن عباس؛ فقال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبي: حدَّثنا أبو صالح: حدَّثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: {مَخْمَصَةٍ} [المائدة:3] : يعني: مجاعة.
          وبه: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:32] : و{أحياها}: لا يقتل نفسًا حرمها الله، فذاك الذي أحيا النَّاس جميعًا؛ يعني: أنَّه من حرم قتلها إلا بحق حيي النَّاس منه جميعًا.
          وتفسيره {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:48] تقدم في أول الكتاب.
          وقال ابن جرير: حدثني موسى بن هارون: حدَّثنا عمرو بن حمَّاد: حدَّثنا أسباط، عن السُّدِّي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله: {إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} [المائدة:29] قال: يكون إثمي وإثمك في عنقك.
          وأخبرنا عبد القادر بن محمَّد [الفراء] : أخبرنا أحمد بن علي العابد: أخبرنا محمَّد بن إسماعيل: أخبرنا علي بن حمزة: أخبرنا هبة الله بن محمَّد [الشيرازيُّ] : أخبرنا أبو طالب بن غيلان: أخبرنا أبو بكر الشافعيُّ: حدَّثنا إسحاق بن الحسن: حدَّثنا أبو حذيفة: حدَّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن التميميِّ، عن ابن عباس: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة:48] قال: مؤتمنًا عليه.
          رواه عبد من حديث سفيان وشعبة؛ كلاهما عن أبي إسحاق كذلك.
          وقال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبي: حدَّثنا أبو صالح: حدَّثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس: قوله: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} قال: القرآن الأمين على كل كتاب قبله.
          قوله فيه: وقال ابن عباس: {لَمَسْتُمُ} [المائدة:6]، و{تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:49]، و{اللاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [النساء:23]، والإفضاء: النكاح.
          قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبو سعيد الأشج: حدَّثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: قوله: {أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاء} [المائدة:6] قال: الجماع.
          وقال أيضًا: حدَّثنا أبو سعيد الأشج: حدَّثنا المحاربيُّ، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:49] قال: إذا طلقتموهن من قبل أن تنكحوهن فلا طلاق.
          وقال أيضًا: حدَّثنا أبي: حدَّثنا أبو صالح: حدَّثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس في قوله {من نِّسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [النساء:23] ىقال: والدخول: النكاح.
          وقال أيضًا: حدَّثنا أبي: حدَّثنا محمَّد بن مقاتل: حدَّثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله المزنيِّ، عن ابن عباس في قوله: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء:21] قال: الإفضاء: الجماع.
          وقال إسماعيل القاضي: حدَّثنا سليمان بن حرب: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث كله: النكاح، ولكن الله ╡ كنَّى.
          حدثنا مسدد: حدَّثنا عبد الواحد بن زياد: حدَّثنا عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله قال: قال ابن عباس: إن الله ╡ حيي كريم يُكَنِّي عما شاء، وإن المباشرة والرفث والتغشي والإفضاء واللماس؛ عنى به: الجماع. قال: يعني في التغشي: قوله: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} [الأعراف:189] ، وبالإفضاء قوله: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء:21]
          حدثنا مسدد: حدَّثنا يحيى، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء} [المائدة:6] قال: هو الجماع.
          قوله فيه: حدَّثنا أبو نعيم: حدَّثنا إسرائيل، عن مُخَارق، عن طارق بن شهاب: سمعت ابن مسعود قال: شهدت من المقداد. [خ¦4609]
          (ح): وحدثني حمدان بن عمر: حدَّثنا أبو النضر: حدَّثنا الأشجعيُّ، عن سفيان، عن مخارق، عن طارق، عن عبد الله قال: قال المقداد يوم بدر: يا رسول الله؛ إنَّا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24] ، ولكن امض ونحن معك، فكأنه سُرِّي عن رسول الله صلعم.
          رواه وكيع، عن سفيان، عن مخارق، عن طارق: أنَّ المقداد قال ذلك للنَّبيِّ صلعم.
          قال أحمد وإسحاق ابن راهويه في «مسنديهما»: حدَّثنا وكيع به.
          أخبرناه عبد الله بن محمَّد بن أحمد بن عبيد الله فيما قرأت عليه قلت له: أخبركم عبد الله بن الحسين إجازة إن لم يكن سماعًا، عن إسماعيل بن أحمد، عن الحافظ أبي موسى المدينيِّ: أنَّ أبا علي الحداد أخبره: أخبرنا أبو نعيم: حدَّثنا أبو أحمد: حدَّثنا عبد الله بن محمَّد ابن شيرويه: حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم: أخبرنا وكيع: حدَّثنا سفيان، عن مخارق، عن طارق: أنَّ المقداد قال للنَّبيِّ صلعم: إنَّا لا نقول لك...؛ الحديث.
          وكذا رواه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» عن سعيد بن داود، عن وكيع به.
          قوله فيه: وقال ابن عباس: {الأَزْلَامُ}: القِدَاح يقتسمون بها في الأمور، والنصب: أنصاب يذبحون عليها.
          قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا الحسن بن محمَّد بن الصَّبَّاح: حدَّثنا حجَّاج بن محمَّد: أخبرني ابن جريج وعثمان بن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس قال: {الأَزْلَامُ} [المائدة:3] : القِدَاح كانوا يستقسمون بها في الأمور.
          وبه في قوله: {النُّصُبِ} [المائدة:3] : قال: أنصاب يذبحون عليها.
          قوله فيه: حدَّثنا منذر بن الوليد بن عبد الرَّحمن الجارُوديُّ: حدَّثنا أبي، حدثنا شعبة، عن موسى بن أنس، [عن أنس](2) قال: خطب رسول الله صلعم خطبةً ما سمعت مثلها قطُّ قال: «لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا...» الحديث. [خ¦4621]
          رواه النضر وروح، عن شعبة.
          أما حديث النضر؛ فأخبرناه عبد الرَّحمن بن أحمد [الغزيُّ] : أخبرنا علي بن إسماعيل: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم: أخبرنا مسعود بن محمَّد [الطُّرَيثيثيُّ] في كتابه: أخبرنا الحسن بن أحمد [الحداد] : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله: حدَّثنا محمَّد بن أحمد: حدَّثنا عبد الله بن محمَّد بن شيرويه: حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم: حدَّثنا النضر بن شميل: أخبرنا شعبة.
          وبه إلى أبي نعيم: حدَّثنا محمَّد بن إبراهيم: حدَّثنا أحمد بن علي: حدَّثنا خلاد بن أسلم: حدَّثنا النضر _يعني ابن شُميل_: أخبرنا شعبة: حدَّثنا موسى بن أنس، عن أنس [بن مالك] قال: بلغ رسول الله صلعم شيء، فخطب، فقال: «عُرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا». قال: فما أتى على أصحاب رسول الله صلعم يوم أشد منه. قال: غَطُّوا / رؤوسهم ولهم حَنين قال: فقام عمر، فقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّد نبيًّا، قال فقام ذاك الرجل، فقال: من أبي؟ فقال: أبوك فلان، فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101] . لفظ خَلاد.
          رواه مسلم والترمذي والنَّسائي من حديث النضر بن شُميل أيضًا.
          وأمَّا حديث روح؛ فأسنده المؤلف في (الرقاق) و(الاعتصام).
          قوله فيه: وقال ابن عباس: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران:55] : مُميتك.
          قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبي: حدَّثنا أبو صالح: حدَّثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس بهذا.
          قوله فيه: عقب حديث صالح، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيِّب قال: البحيرة: التي يُمنعُ دَرُّها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من النَّاس، والسائبة: كانوا يُسَيِّبونها لآلهتهم، لا يُحمل عليها شيء، قال: وقال أبو هريرة: قال رسول الله صلعم: «رأيت عمرو بن عامر الخُزاعيَّ يَجُرُّ قُصْبه في النَّار، كان أول من سيب السوائب». والوصيلة: الناقة البكر... الحديث. [خ¦4623]
          وقال أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: سمعت سعيدًا يخبره بهذا، قال: وقال أبو هريرة: سمعت النَّبيَّ صلعم نحوه، ورواه ابن الهاد، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة: سمعت النَّبي صلعم.
          أما حديث أبي اليمان؛ فأسنده المؤلف في (الفضائل) قال: حدَّثنا أبو اليمان....؛ فذكره.
          وأمَّا حديث ابن الهاد؛ فقرأته على فاطمة بنت المنجى، عن سليمان بن حمزة: أنَّ الحافظ ضياء الدين محمَّد بن عبد الواحد المقدسيَّ أخبرهم: أخبرنا أبو جعفر محمَّد بن أحمد الصيدلانيُّ: أنَّ الحسن بن أحمد [الحداد] أخبرهم: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد [أبو نعيم] : حدَّثنا سليمان بن أحمد: حدَّثنا مُطَّلب بن شعيب: حدَّثنا عبد الله بن صالح: حدَّثني الليث، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلعم: «أول من سيبَ السوائب، وبَحَّرَ البحيرة، وغَيَّرَ دين إبراهيم عمرو بن لحيِّ بن قمعة بن خندف، وهو أبو خزاعة».
          رواه أبو بكر بن أبي عاصم في «كتاب الأوائل»، عن أبي مسعود الرَّازيِّ وعبيد الله بن فضالة النَّسائيِّ؛ كلاهما عن أبي صالح، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
          ورواه أبو عوانة في «صحيحه» عن محمَّد بن عبيد الله [بن] المُنادي: حدَّثنا يونس بن محمَّد: حدَّثنا الليث به نحوه، ولفظه: «رأيت عمرو بن عامر يجر قصبه في النَّار، وكان أول من سيب السوائب».
          وقال البيهقيُّ: أخبرنا أبو الحسين بن بشران: أخبرنا أبو جعفر الرزاز: حدَّثنا محمَّد بن عبيد الله هو ابن المنادي: حدَّثنا يونس بن محمَّد مثله.
          وهكذا رواه أبو سلمة الخُزاعيُّ، ويحيى ابن بكير، وشعيب بن الليث، وغير واحد، عن الليث مقتصرًا على المرفوع فقط.
          ورواه خالد بن حُميد المهديُّ عن ابن الهاد، فأدرج كلام سعيد بن المسيِّب في الحديث.
          قال ابن مردويه في «تفسيره»: حدَّثنا محمَّد بن أحمد: حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن عاصم: حدَّثنا أبو حفص عمر بن حفص الوصابيُّ: حدَّثنا محمَّد بن حُميد: حدَّثنا خالد بن حميد المهريُّ، عن ابن الهاد، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلعم قال: «أُرِيت(3) عمرو بن عامر الخُزاعيَّ يجر قصبه في النَّار، كان أول من سيبَ السوائب». والسائبة: التي كانت تُسيب فلا يحمل عليها شيء، والبحيرة: التي يُمنَع درُّها للطواغيت فلا يحلبها أحد من النَّاس. والوصيلة: الناقة البكر، تبكر في أول نتاج الإبل ثم تثني ثانيًا، فكانوا يُسِمُّونها للطواغيت.


[1] في المطبوع: (سنَّة وسبيلًا).
[2] ما بين معقوفين سقط من المطبوع.
[3] في المطبوع: (رأيت).