تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب: إذا زكى رجل رجلًا كفاه

          ░16▒ (بَابُ إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ) أي في التزكية، وبه قال أبو حنيفة، واشترط الجمهور رجلين كسائر الشهادات.
          (وَقَال أَبُو جَمِيلَةَ) بفتح الجيم، واسمه سُنَيْن بالتصغير. (وَجَدْتُ مَنْبُوذًا) بذال معجمة أي لقيطًا.
(عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُسًا)
          ساقط من نسخة، والغوير: اسم مكان أو ماء لكلب وهو تصغير غار، والأبؤس: بفتح الهمزة وسكون الموحدة وضم الهمزة بعدها، جمعُ بأس: وهو الشدَّة والداهية، وانتصب على أنه خبر (عَسَى) وخبرها شرطه أن يكون مضارعًا فيُقدَّر هنا: يكون أو يصير، وأصل ذلك: أنَّ ناسًا كانوا في غار، فانْهَار عليهم، أو أتاهم فيه عدوٌ فقتلهم، فصار مثلًا لكلِّ شيء يُخاف أن يأتي منه شرٌّ.(1) (كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِي) أي كأن عمر يتهم أبا جميلة في أن يكون المنبوذ ولده أتى به ليفرض له في بيت المال، أو في أنَّه زنى بأمِّه وادَّعاه لقيطًا على ما قاله ابن الأثير.
          (قَال عَرِيفِي) اسمه سنان، والعريف: القيم بأمور الجماعة من الناس يلي أمورهم، ويُعرِّف الأمير أحوالهم. (إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ) أي فلا يُتَّهَم. (قَالَ) أي عمر لأبي جميلة أو لعريفه. (كَذَاكَ؟) أي أكذاك، بتقدير همزة الاستفهام، أي أهو صالح مثل ما قيل؟ قال أبو جميلة أو عريفه: نعم، واقتصر في «الموطأ» على أبي جميلة، والأوفق بالترجمة الاقتصار على عريفه، فقال عمر لأبي جميلة: (اذهَب) أي به (وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ) (2) في بيت المال.


[1] في (ع): ((شرًا)).
[2] زاد في (د): ((أي)).