تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب شهادة الأعمى

          ░11▒ (بَابُ شَهَادَةِ الأَعْمَى وَأَمْرِهِ) أي حاله في تصرفاته. (وَنِكَاحِهِ) أي امرأة. (وَإِنْكَاحِهِ) أي غيره. (وَمُبَايَعَتِهِ وَقَبُولِهِ فِي التَّأْذِينِ وَغَيْرِهِ) كإقامته الصلاة. (وَمَا) أي وفيما (يُعْرَفُ بِالأَصْوَاتِ) لجواز تمتع الرجل بزوجته لسماع صوتها، ويدخل فيه جواز شهادة الأعمى بسماع صوت المشهود عليه عند من يجوزها به، لكن الجمهور على خلافه، وقد بيَّنت ذلك مع زيادة في «شرح الروض»(1) وغيره.
          (قَاسِمٌ(2)) هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق. (وَقَال الشَّعْبِيُّ) هو عامر بن شراحيل. (إِذَا كَانَ عَاقِلًا) أي فطنًا مدركًا لدقائق الأمور بالقرائن، وإلا فاشتراط العقل جارٍ في جميع الشهادات. /
          (وَقَال الحَكَمُ) أي ابن عيينة. (رُبَّ شَيْءٍ) مما يُسامَح فيه. (تَجُوزُ فِيهِ) أي شهادة الأعمى. (يَبْعَثُ رَجُلًا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ) أي كان ابن عباس يبعث رجلًا إذا غابت الشمس يفحص عن غروبها للإفطار، فإن(3) أخبره أنها غربت أفطر، ووجه تعلقه مع ما بعده بالترجمة: أنَّ ابن عباس قَبِلَ قول غيره في غروب الشمس وطلوعها مع أنَّه أعمى لا يرى المخبِر وإنما يسمع صوته، وقبول الخبر يُتوسع فيه ما لا يُتوسع في الشهادة. (فَإِذَا قِيْلَ) أي <لَهُ> كما في نسخة. (قَالَتْ) في نسخة: <فَقَالتْ>. (ادْخُلْ فَإِنَّكَ مَمْلُوكٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ) أي من مال الكتابة، واستشكل ذلك بأنَّه كان مكاتبًا لميمونة لا لعائشة، وأُجيب بأن (استَأذَنتُ) بمعنى استفتيتُ. (وَعَلَى) بمعنى مِن، أي استفتيت منها في الدخول على ميمونة، وبأنَّ عائشة كانت لا ترى الاحتجاب من العبد وإن كان ملك غيرها. (مُنْتَقِبَةٍ) بسكون النون وفتح الفوقية من الانتقاب، وفي نسخة بتقديم الفوقية على النون وتشديد القاف من التنقُّب، أي ذات نقاب، ولا دلالة في جواز شهادتها على جواز شهادة الأعمى لأنَّ النقاب لا يمنع الرؤية، ولو سُلِّم أنَّه(4) يمنعها جاز لها أن تشهد بما رأته قبل التنقُّب، كما يجوز للأعمى أن يشهد بما رآه قبل العمى.


[1] أسنى المطالب كتاب الشهادات/ الباب الثالث في مستند علم الشاهد.
[2] في (د): ((قائم)).
[3] في (د): ((فإذا)).
[4] في (د): ((أن)).