تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب شهادة القاذف والسارق والزاني

          ░8▒ (بَابُ شَهَادَةِ القَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي) أي هل تُقبل بعد توبتهم الحاصلة بالحدِّ أو لا؟
          (وَقَوْلِ اللهِ) بالجرِّ عطف على سابقه. (تَعَالَى) في نسخة: <╡>. ({وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور:4]) أي ما لم يتوبوا بقرينة الاستثناء بعده، بناءً على أنَّه يرجع إلى جميع الجمل قبله، وهو ما عليه الشافعية وكثير كما هو محرر في الأصول(1)، وقال بعض الحنفية: لا تقبل شهادته مدة عمره كما ذكره بعدُ، بناءً منهم على أن الاستثناء إنما يرجع إلى الجملة الأخيرة.
          (أَبَا بَكْرَةَ) هو نفيع بن الحارث بن كَلَدَة بفتحات. (وَنَافِعًا) أي ابن الحارث أخا أبي بكرة لأمِّه. (بِقَذْفِ(2) المُغِيرَةِ) أي ابن شُعْبَة. (وَأَجَازَهُ)(3) أي الحكم المذكور. (وَالشَّعْبِيُّ) هو عامر بن شراحيل. (أَبُو الزِّنَادِ) هو عبد الله بن ذكوان. (إِذَا أَكْذَبَ) أي القاذف. (نَفْسَهُ جُلِدَ) أي حدَّ القذف. (وَإِنِ اسْتُقْضِيَ المَحْدُودُ) أي طلب منه، وكان قاضيًا أن يحكم في قضايا. (فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ(4)) لأنَّ حدَّه كفَّر ما عليه. (وَقَال بَعْضُ النَّاسِ) أي بعض الحنفية. (ثُمَّ قَالَ) أي البعض المذكور. (لاَ يَجُوزُ) إلى آخره قيل: غرض البخاري منه(5) بيان تناقض قول البعض المذكور حيث منعوا شهادة القاذف بعد توبته، وجوَّزوا النكاح بشهادته، وبيان تحكمهم حيث منعوا شهادة العبد، وجوَّزوا شهادة المحدود بالزنا والسرقة والخمر مع أنهما ناقصان، وحيث جوَّزوا شهادة المحدود بما ذُكر ومنعوا شهادة القاذف المحدود وإن(6) تاب، وقوله: (بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ) أي <فِيْ قَذْفٍ> كما في نسخة. (وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ) أي القاذف، وهذا من تتمَّة الترجمة، وبيَّن توبته عنده بقوله: (وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ) إلى آخره. (وَصَاحِبَيْهِ) هما هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع.


[1] قوله: ((بناءً على أنَّه يرجع إلى جميع الجمل قبله، وهو ما عليه الشافعية وكثير كما هو محرر في الأصول)) ليس في (د).
[2] في (ك) و(د): ((يقذف)).
[3] في (ع): ((وأجاره)).
[4] في (د): ((جائز)).
[5] قوله: ((منه)) ليس في (ع).
[6] في (ع): ((إن)).