تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب: {وعلى الذين يطيقونه فدية}

          ░39▒ (بَابُ: {وَعَلَى الذينَ يُطِيقُونَهُ فِديَةٌ} [البقرة:184]) أي: إن أفطروا.
          (نسَخَتهَا) أي: آيةَ الفِدية. ({شَهرُ رَمَضَانَ} [البقرة:185]) إلى آخره يعني: نسختها آيةُ: {فَمَن شَهِدَ} [البقرة:185] المسبوقة بقوله: {شَهرُ رَمَضَانَ} [البقرة:185] وهو مبتدأ خبره: ({الذي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ}) [البقرة:185] أو ({فَمَن شَهِدَ} [البقرة:185]) إلى آخِرهِ بزيادة الفاء على رأي الأخفشِ، وعليه يكون {الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ} صفة لـ{شَهرُ رَمَضَانَ}. وقوله: ({هُدًى}) [البقرة:185] في محل الحال بتقديرٍ(1) بهاديًا أو بذي(2) هدى.
           ({وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ} [البقرة:185]) عطف على اليسر، أو على محذوف أي: يريد بكم اليسر ليسهل عليكم الأمر ولتكملوا / عددَ أيام الشهر بقضاء ما أفطرتم في المرض والسفر. {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ} [البقرة:185]) أي: تعظموه، أو تكبروه بتكبيرات ليلة الفطر. ({وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ}) [البقرة:185] في نسخة بدل ما ذكره: <{شَهرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ} [البقرة:185] إلى قوله: {وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ}>، وفي أخرى: <إلى قوله: {عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ} [البقرة:185]> (3).
          (ابنُ نُمَيرٍ) هو عبد الله. (حَدَّثَنَا الأَعمَشُ) في نسخة: <أَخبَرَنَا الأَعمَشُ>. (ابنُ أَبي لَيلَى) هو عبد الرحمن. (حَدَّثَنَا أَصحَابُ مُحمَّدٍ صلعم) قد رأى ابن أبي ليلى كثيرًا مِن الصحابة كعمر وعثمان وعلي وغيرهم، فلا يضر جهالة عين مَن روى عنهم؛ لأنهم كلهم عدول.
          (نَزَلَ رَمَضَانُ) أي: صومه. (ممَّن يُطِيقُهُ) حال مِن فاعل (تَرَكَ) أي(4): كان(5) مَن أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم حالة كونه ممَّن يطيقه. (فَنَسَخَتهَا) أي: آيةَ الفِدية قولُه تعالى ({وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم} [البقرة:184]) وجه نسخ الآية بهذا_ مع أنَّ الخيرية لا تقتضي الوجوب_: أنَّ الصوم خير مِن التطوع بالفدية، والخير من المتطوَّع(6) لا يكون إلا واجبًا. والقول هنا بأنَّ الناسخ لآية الفدية قوله تعالى: ({وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم} [البقرة:184]) قول مَن روى عنه ابن نُمير، والقوُل بأن الناسخ لها: ({فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ}) [البقرة:185] قولُ ابنِ عمر وسلَمةَ بنِ الأكوَع، ولا منافاة بينهما لجواز اجتماعهما على النسخ.


[1] في (المطبوع): ((بتقديره)).
[2] في (د): ((بذا)).
[3] قوله: ((وفي أخرى: <إلى قوله: {عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ} [البقرة:185]>)) ليس في (ع).
[4] قوله: ((أي)) ليس في (ع).
[5] في (المطبوع): ((كأن)).
[6] في (د): ((التطوع)).