التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: نهى النبي عن الزبيب والتمر والبسر والرطب

          5601- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد، النَّبيّلُ، و(ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك ابن عبد العزيز بن جُرَيج، و(عَطَاءٌ): هو ابن رَباح، أحد الأعلام، و(جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو ابن حرام الأنصاريُّ.
          قوله: (نَهَى عَنِ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْبُسْرِ، وَالرُّطَبِ): يعني: أن يُنبَذا جميعًا، وكذا ذكر في الحديث: «وليُنبذْ كلُّ واحد منهما على حدة» [خ¦5602].
          تنبيهٌ: اعلم أنَّ أصحاب الشَّافِعيِّ وغيرَهم مِن العلماء قالوا: سبب الكراهة: أنَّ الإسكار يُسرِع إليه بسبب الخليط قَبلَ أن يتغيَّر طعمُه، فيظنُّ الشَّارب أنَّه ليس مُسكِرًا، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (ومذهب الشَّافِعيِّ والجمهور: أنَّ النَّهْي؛ لكراهة التنزيه، ولا يحرم ذلك ما لم يَصِرْ مُسكِرًا، وبهذا قال جماهير العلماء، وقال بعضُ المالكيَّة: هو حرام، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهةَ فيه، ولا بأسَ به؛ لأنَّ ما حلَّ مُفرَدًا حلَّ مخلوطًا، وأنكر عليه الجمهور، والأحاديث الصَّحيحة الصَّريحة قاضية عليه في النَّهْي عنه، فإن لم يكن حرامًا؛ كان مكروهًا، واختلف أصحابُ مالك في النَّهْي: هل يختصُّ بالشُّرب أم يعمُّه وغيره؟ والأصحُّ التَّعميمُ)، انتهى، وقال الإمام أبو سليمان حمْد بن مُحَمَّد بن إبراهيم الخَطَّابيُّ البُستيُّ في «معالمه»: (ذهب غير واحد من العلماء إلى تحريم الخليطَين وإن لم يكن الشراب المُتَّخذ منهما مُسكِرًا؛ على ظاهر الحديث، ولم يجعلوه معلولًا بالإسكار، وبه قال عطاء، وطاووس، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وعامَّة أهل الحديث، وهو غالبُ مذهب الشَّافِعيِّ، وقال: مَنْ شرب الخليطَين قبل حدوث الشِّدَّة؛ فهو آثمٌ مِن جهة واحدة، وإن شرب بعد حدوث الشِّدَّة؛ كان آثمًا مِن جهتَين؛ إحداهما: شرب الخليطَين، والأخرى: شرب المُسكِر، ورخَّص فيه سفيان، وأهل الرَّأي، وقال اللَّيث: «إنَّما جاءتِ الكراهة أن يُنبَذا جميعًا؛ لأنَّ أحدهما يُسنِد صاحبه»، انتهى لفظ الخَطَّابيِّ، والله أعلم، وقد نقل شيخُنا عن الشَّافِعيِّ: (أنَّه سُئِل عن رجل شرب خليطَين مُسكِرًا؟ فقال: هذا بمنزلة أكل لحم خِنزير ميِّت، فهو حرام من وجهين؛ الخِنزيرُ حرامٌ، والمُسكِرُ حرامٌ)، انتهى.