التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب إثم الغادر للبر والفاجر

          قوله: (بَابُ إِثْمِ الْغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ على عادته ثمَّ قال: (وجه مطابقة الترجمة لحديث مكَّة) يعني: حديث: «هذا بلدٌ حرَّمه الله يوم خلق السماوات والأرض...»؛ الحديث، قال: (أنَّ النَّبيَّ صلعم نصَّ على أنَّها اختصَّت بالحرمة إلَّا في الساعة المستثناة، وليس المرادُ: حرمةُ قتل المؤمن أكبرُ فيها؛ إذ كلُّ بقعةٍ كذلك، فالذي اختصَّت به حرمة قتل الفاجر المستأهل للقتل، وإذا استقرَّ أنَّ الفاجر قد حرم قتلُه لعهد الله الذي خصَّها(1) به، فإذا خصَّ أحدٌ فاجرًا بعهد الله في غيرها؛ لزم نفوذ العهد له، وثبوت الحرمة في حقِّه، فيقوى عمومُ الحديث الأوَّل في الغادر بالبَرِّ والفاجر)، انتهى.
          وقال شيخنا: (وجهه _والله أعلم_ أنَّ محارمَ الله عهودُه إلى عباده، فمَن انتهك منها شيئًا؛ لم يفِ بما عاهد الله عليه، ومَن لم يفِ؛ فهو من الغادرين، وأيضًا فالشارع لمَّا فتح مكَّة؛ منَّ على أهلها كلِّهم؛ مؤمنهم ومنافقهم، ومعلومٌ أنَّه كان فيهم منافقون، ثمَّ أخبر أنَّ مكَّة حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وأنَّه لا يحلُّ قتال أحدٍ فيها، وإذا / كان كذلك؛ فلا يجوز الغدر ببَرٍّ منهم ولا فاجر؛ إذ شمل جميعَهم أمانُه وعفوُه)، انتهى.


[1] في (ب): (خصَّينا)، والمثبت من مصدره، وما في (أ) محتملٌ له.