التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا

          قوله: (إِذَا قَالُوا: صَبَأْنَا، وَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (مقصود الترجمة: أنَّ المقاصد تعتبر بأدلَّتها كيفما كانت الأدلَّة، لفظيَّة أو غيرها، على وفق لغة العرب أو غيرها)، انتهى.
          قوله: (صَبَأْنَا): هو بهمزة ساكنة بعد المُوَحَّدة، ومعنى (صَبَأَ): خرج مِن دِينه إلى دِينٍ آخرَ، من قولهم: صَبَأَ نابُ البعير؛ إذا طلع، وصَبَأَت النجوم؛ إذا خرجت من مطالعها، وكانت العرب تُسمِّي النَّبيَّ صلعم: الصابئَ؛ لأنَّه خرج من دين قريش إلى دِين الإسلام، وفي «النهاية» بعد أن ذكر الهمز: (ويسمُّون مَن دخل في دين الإسلام مَصْبوٌّ؛ لأنَّهم كانوا لا يهمزون، فأبدلوا من الهمز واوًا، ويسمُّون المسلمين: الصُّبَاة؛ بغير همز؛ كأنَّه جمع «الصَّابي»؛ غير مهموز؛ كـ«قاضٍ وقُضاة»، و«غازٍ وغُزاة»)، انتهى.
          قوله: (إِذَا قَالَ: مَتْرَسْ): قال ابن قرقول: («مَتَرْس» بفتح التاء وسكون الراء ضبطه الأصيليُّ، ولغيره: «مَتْرَس»، وضبطه أبو ذرٍّ: «مِتَرْس»، قاله عبد الله بن الوليد، قال: وأهل خراسان يقولون:
          [بفتح التاء غير مشدَّدة، و] ليحيى بن يحيى في «المُوَطَّأ»: «مطْرَس»، كذا لعامَّة شيوخنا، ولبعضهم: «مَطَّرِس»، وعند أبي عيسى: «مَطْرَس»، ولبعضهم: «متْرِس»، وللقعنبيِّ وابن بُكَيْر وابن وهب: «مَتَّرس»، وهي كلمة أعجميَّة فُسِّرت: بـ«لا تخفْ»، أو بـ«لا بأس»)، انتهى.
          وفي بعض نسخ «البُخاريِّ»: (أَوْ قَالَ: تَكَلَّمْ، لَا بَأْسَ)، وهذه نسخة في أصلنا، وعليها علامة راويها(1)؛ يعني: أنَّ معنى (مترس): تكلَّم، لا بأس، قال شيخنا: («أو قال: تكلَّم، لا بأس» هو من قول عمر ☺؛ قاله للهرمزان في قصَّته معه، أخرجه ابن أبي شيبة عن مروان بن معاوية، عن حُميد، عن أنس...)؛ فذكرها، انتهى.
          و(مَتَرْسْ): بمُثَنَّاة فوق، ثُمَّ راء، ثُمَّ سين مهملة، قال النَّوويُّ في «تهذيبه»: (هو بميم ثُمَّ تاء(2) مُثَنَّاة من فوق مفتوحتين، ثُمَّ راء ثُمَّ سين مهملتين ساكنتين، ومعناه: لا تخف، وهي لفظة فارسيَّة، وقد حقَّقتُ ما ذكرتُه فيها، وذكر صاحبُ «مطالع الأنوار» أنَّ فيها خلافًا؛ منهم مَن ضبطها كما ذكرنا، ومنهم مَن ضبطها / بإسكان التاء وفتح الراء، ومنهم: من يقول: مطرس؛ يُبدِل التاءَ طاءً)، انتهى.
          وقال شيخنا: («مَتَرْس»: بفتح الميم والتاء وسكون الراء، كذا ضبطه الأصيليُّ، وضبطه غيره بفتح الراء، وضبطه أبو ذرٍّ بكسر الميم وسكون الراء، وأهل خراسان يقولون: [بفتح التاء غير مشدَّدة، و] ليحيى بن يحيى في «المُوَطَّأ»: «مِطْرس»، وبخطِّ الدِّمْيَاطيِّ: بفتح الميم والتاء وسكون الراء، وكتب: مَتَّرَسْ مَتْرسْ)، انتهى.
          قوله: (فَقَدْ آمَنَهُ): هو بمدِّ الهمزة، وبالميم المُخَفَّفة المفتوحة.
          قوله: (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ كُلَّهَا): المراد بـ(الألسنة): اللغات، كما في قوله تعالى: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ}[الروم:22]؛ أي: لُغاتِكم، وقد تَقَدَّمَ أنَّه قيل: إنَّ الألسنة اثنان وسبعون لسانًا؛ سبعة عشر في ولد سام، ومثلُها في ولد حام، وستَّةٌ وثلاثون في ولد يافث [خ¦3069].


[1] في (ب): (رواتها)، الرواية في (ق) على (أو)؛ فهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية غيره: (و).
[2] (تاء): ليس في (ب).