التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب إثم من قتل معاهدًا بغير جرم

          قوله: (بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَـِدًا): (المعاهَد) في الترجمة والحديث: بفتح الهاء وكسرها، والفتح أشهر وأكثر، وسيأتي في (الدِّيات): (باب إثم من قتل ذمِّيًّا بغير جرم)، وذكر هذا الحديثَ متنًا وإسنادًا [خ¦6914]، وقلَّ أن يعرض له مثلُ هذا، وقد ذكرتُ فيما مضى أحاديثَ قليلةً وقعت له كذلك [خ¦1712]، والله أعلم.
          فائدةٌ: الحديثُ الدائرُ على ألسنة الناس: «مَن آذى ذِمِّيًّا؛ فأنا خصمُه يومَ القيامة» ذكره ابن الصلاح في «علومه» فقال: (وكما بَلَغَنا عن أحمدَ ابنِ حنبل أنَّه قال: أربعةُ أحاديثَ تدور عن رسول الله صلعم في الأسواق ليس لها أصل: «مَن بشَّرني بخروج آذار؛ بشَّرتُه بالجنَّة»، و«من آذى ذميًّا...»؛ الحديث، و«نحركم يوم صومكم»، و«للسائل حقٌّ وإن جاء على فرس»)، قال شيخُنا العِرَاقيُّ: (لا يصحُّ هذا الكلام عن أحمدَ، فإنَّه أخرج حديثًا منها في «المسند»؛ وهو حديث: «للسائل حقٌّ...»؛ الحديث [خ¦1730]، وقد ورد من حديث الحُسَين بن عليٍّ وأبيه عليٍّ وابن عَبَّاس والهرماس بن زياد)، ثُمَّ شرع يخرِّجها(1) قال: (وكذلك حديث: «مَن آذى ذميًّا...»؛ الحديث، فهو مَعْرُوفٌ أيضًا بنحوه، رواه أبو داود من رواية صفوان بن سُلَيم عن عدَّة من أبناء أصحاب رسول الله صلعم عن آبائهم دِنْيةً عن رسول الله صلعم: «أَلَا مَن ظلمَ مُعاهَدًا، أو انتَقَصَه، أو كلَّفه فوقَ طاقتِه، أو أخذ منه شيئًا بغيرِ طِيب نفسٍ؛ فأنا حَجِيجُه يوم القيامة»، سكت عليه أبو داود أيضًا، فهو عنده صالح، وهو كذلك، إسناده جيِّد...) إلى أن قال: (وقد رويناه في «سنن البيهقيِّ الكبرى» فقال في روايته: عن ثلاثين من [أبناء] أصحاب رسول الله صلعم، وأمَّا الحديثان الآخَرَان؛ فلا أصلَ لهما)، ثُمَّ برهن على ذلك، انتهى.
          تنبيهٌ أيضًا(2): ذكر ابن الجوزيِّ في «الموضوعات» بعد مضيِّ أربع ورقات من (كتاب الجهاد) في (باب المنع مِن أذى أهل الذمَّة) ما لفظه: (ونقلت من خطِّ القاضي أبي يعلى ابن الفرَّاء قال: نقلت من خطِّ أبي حفص البرمكيِّ: سمعت أبا بكر أحمد الصَّيدلانيَّ: سمعت أبا بكر المَرُّوذِيَّ يقول: سمعت أبا عبد الله أحمدَ ابنَ حنبل...؛ فذكره)، انتهى، لكنَّ هذا وِجادةٌ على وِجادةٍ، والوِجادة منقطعةٌ، فهي ضعيفة، والله أعلم.


[1] في (ب): (فخرَّجها).
[2] (أيضًا): ليس في (ب).