التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد

          قوله: (بَابُ مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ يَوْمَ الْعِيدِ): وقد اختُلِف في معنى فعله [صلعم] ذلك لمعانٍ؛ أظهرها: توخِّي الأطول ذهابًا، الثاني: شهادة الطريقَين، [وقال النَّوويُّ في «رياضه»: (لتكثير مواضع العبادة)، وهذا غير الذي قبله، ويحتمل أن يكون هو هو](1)، الثالث: يتبرَّك به أهلهما(2)، الرابع: اقتداؤهما به، الخامس: زيادة غيظ المنافقين، السادس: الرَّحمة، السابع: تصدُّقه على فقرائهما، الثامن: نفاد الصدقة في الأولى، التاسع: حذر كيد المنافقين، العاشر: زيارة قبور أقاربه، الحادي عشر: تفاءَلَ بتغيُّر الحال إلى المغفرة، الثاني عشر: ليساوي بين الأوس والخزرج، فإنَّهم كانوا يتفاخرون بذلك، ذكره الجيليُّ، وفيه قولٌ آخرُ: أنَّ الملائكة يقفون على الجهات يكتبون الخارجين إلى الصَّلاة والداخلين، فمَن رجع على طريقهم، لم يكتبوه، وإن رجع على غيرها، ذكروه مرَّتين، ذكره الزَّنَاتيُّ.
          فمَن شاركه [صلعم] في المعنى، نُدِب له، وكذا غيرُه على أظهر الوجهين في «الشرح الصغير»، كالرَّمَل والاضطباع، سواء الإمام والقوم على النصِّ، فإن جُهِلَ السبب، سُنَّ قطعًا، قاله في «الروضة»، وقول إمام الحرمين: (الرجوع ليس بقربة) غلطٌ، قال الماورديُّ: (ما فعله رسول الله صلعم لمعنًى وزال ذلك المعنى؛ هل نفعله نحن أو لا نفعله إلَّا بدليل؟ فيه وجهان).
          قال الشَّافعيُّ في «الأمِّ»: (ويُسْتَحبُّ للإمام في رجوعه أن يقف في طريقه فيستقبل القبلة ويدعو)، ورَوَى فيه حديثًا.
          وسمعت شيخنا الفقيه العلَّامة شهاب الدين الأذرعيَّ يقول: (إنَّ في حكمة الرجوع في طريقٍ والذهاب في آخرَ ثلاثين قولًا)، ثمَّ رأيته نقل في بعض مؤلَّفاته أنَّه ذكر فيه خمسة عشر قولًا، والله أعلم. /


[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[2] في (ب) و(ج): (أهلها)، وهو تحريف.