تعليقة على صحيح البخاري

حديث أبي سعيد: كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعةً وتسعين إنسانًا

          3470- قوله: (كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ(1) قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رجلًا(2) ...)؛ الحديث: وقتله الرَّاهب الأوَّل كان لقلَّة علمه وتجرُّئه على الفتى بقوله: (لا توبة لك)، وهذا جهل منه، وأعان على نفسه؛ إذ آيس(3) القاتل من التَّوبة، فلمَّا ساقه الله إلى هذا العالم؛ دلَّه على الخير، وعلى مفارقة الأرض التي أصاب فيها الذَّنب، وبهذا يظهر فضل العالم على العابد الذي لا علم عنده؛ لأنَّه اغترَّ فأفتى بغير علم فهلك في نفسه، وكاد أن يُهلِك غيره، ومذهب أهل السُّنَّة: أنَّ التَّوبة تكفِّر القتل؛ كسائر الذُّنوب، وأمَّا قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء:93] ، والصَّواب في معناه: جزاؤه إن جازاه، وقد لا يجازى، بل يعفو عنه، فإن استحلَّ قتله بغير حقٍّ ولا تأويل؛ فهو كافر مخلَّد في النَّار إجماعًا، وقيل: الخلود طول المدَّة والإقامة، لا التَّأبيد(4) ، وفيه: اختلاف الملائكة واطِّلاع ملائكة الرَّحمة على ما في قلبه من صحَّة توبته، فإنَّ ذلك خفي على ملائكة العذاب.
          قوله: (فَنَاءَ بِصَدْرِهِ): أي: مال ونهض مع ثقل ما أصابه من الموت، وفيه: أنَّ النَّدم توبة.
          قوله: (قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا): أي: ما بين الأرضين، فإلى أيِّهما كان أدنى؛ فهو له، وفيه: أنَّ الذنوب وإن عَظُمت؛ تصغر عند عفو الله، وهو حديث عظيم لرجاء أهل العظائم.


[1] في (ب): (رجلًا).
[2] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة»: (إنسانًا).
[3] في (ب): (إذ أيئس).
[4] في (ب): (تأبيد).