تعليقة على صحيح البخاري

باب: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم}

          ░11▒ (بَابُ قَوْلُه تَعَالى(1) : {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}؛ الآية(2) [الحجر:51]).
          قوله: ({وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة:260]) : قال ابن عبَّاس: المعنى: ليطمئن قلبي للمشاهدة، كأنَّ نفسه طالبته برؤية ذلك، فإذا أراه؛ اطمأنَّ، وقيل: المعنى: ولكن ليطمئنَّ قلبي بأنِّي إذا سألتك؛ أجبتني، قال الطَّبريُّ: إنَّ إبراهيم أتى على دابَّة توزَّعتها الدَّوابُّ والسِّباع، فقال: (يا ربِّ؛ أرني كيف تحيي الموتى؛ لأزداد يقينًا).
          قوله: ({فَصُرْهُنَّ} [البقرة:260]): أي: قطعهنَّ مزقهنَّ، أمر أن يخلط الدَّم بالدَّم والرِّيش بالرِّيش، وجعل على كلِّ جبلٍ جزءًا؛ ليكون أعجب، وأمسك رؤوس الطَّير في يده، وهي الدِّيك والطاووس والحمام والغراب.
          والفائدةُ في أمر الله بأن يدعوها إليه ليتأمَّلها ويعرف أشكالها وهيئاتها؛ كيلا تلتبس عليه بعد الإحياء، وأحسن ما قيل في الحديث: (نحن أحقُّ بالشَّكِّ(3)) ما ذكره الشافعيُّ أنَّ الشَّكَّ مستحيل في حقِّ إبراهيم؛ فكأنَّه قال: الشَّكُّ في إحياء الموتى لو كان متطرقًا إلى الأنبياء؛ لكنت أنا أحقُّ به من إبراهيم، وقد علمتم أنَّ إبراهيم لم يشكَّ، وإنَّما رجَّح إبراهيم على نفسه من باب التَّواضع والأدب، أو قاله قبل إعلامه أنَّه سيِّد ولد آدم، فإذا لم أشكَّ أنا ولم أرتب في القدرة على الإحياء؛ فإبراهيم أولى بذلك، وإنَّما(4) صار أحقَّ؛ لما عاين من تكذيب قومه، وردِّهم عليه(5) ، وتعجُّبهم من ذكر البعث، فقال: أنا أحقُّ أن أسأل ما سأل إبراهيم؛ لعظم ما جرى عليَّ من قومي، ولمعرفتي بتفضيل الله إيَّاي على الأنبياء، ولكنِّي لا أسأل.


[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة»: (╡).
[2] كذا في النسختين، وهي مثبتة من رواية أبي ذرٍّ.
[3] كذا في النسختين، وهي رواية لأبي ذرٍّ عن الكشميهني، ورواية «اليونينيَّة»: (نحن أحقُّ من إبراهيم).
[4] في (ب): (ولذا).
[5] في (ب): (عليهم).