الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: كل مصور في النار، يجعل له بكل

          1068- الثَّالث والتِّسعون: عن سعيد بن أبي الحَسن قال: جاء رجلٌ إلى ابن عبَّاسٍ، فقال: إنِّي رجلٌ أصوِّر هذه الصُّور، فأفتني فيها، فقال له: ادنُ منِّي، فدنا، ثمَّ قال: ادُن منِّي، فدنا حتَّى وضع يده على رأسه، وقال: أنبِّئك بما سمِعت من رسولِ الله صلعم، سمِعت رسولُ الله صلعم يقول: «كلُّ مصوِّرٍ في النَّار، يُجعل له بكلِّ صورةٍ صوَّرها نَفْساً؛ فيعذِّبُه(1) في جهنَّم. ثمَّ قال: إن كنت لابدَّ فاعلاً فاصنَع الشَّجرَ وما لا نفسَ له».
          وعند البخاريِّ في حديث عَوفٍ عن سعيدِ بن أبي الحَسن قال: كنت عند ابن عبَّاسٍ إذ جاء رجلٌ، فقال له: يا أبا عبَّاس؛ إنِّي رجلٌ إنَّما معيشَتي من صَنعة يدي، وإنِّي أصنع هذه التَّصاويرَ، فقال ابن عبَّاسٍ: لا أحدِّثك إلَّا ما سمعت من رسول الله صلعم، سمعته يقول: «مَن صوَّر صورةً فإنَّ الله معذِّبُه حتَّى ينفُخَ فيها الرُّوح، وليس بنافخٍ فيها أبداً». فربا الرَّجل رَبوةً(2) شديدةً، واصفرَّ وجهه، فقال: ويحك، إن أبيتَ إلَّا أن تصنَع فعليك بهذا الشَّجر، كلِّ شيءٍ ليس فيه روحٌ. [خ¦2225]
          وأخرجاه من حديث النَّضرِ بنِ أنسِ بنِ مالكٍ قال: كنت جالساً عند ابنِ عبَّاسٍ فجعَل يفتي ولا يقول: قال رسولُ الله صلعم، حتَّى سأله رجلٌ، فقال: / إنِّي رجل أصوِّر هذه الصُّور، فقال له ابن عبَّاسٍ: ادنُه، فدنا الرَّجل، فقال: سمعت رسول الله صلعم يقول: «مَن صوَّر صورةً في الدُّنيا كُلِّف أن يَنفُخَ فيها الرُّوحَ يومَ القيامة، وليس بنافخٍ». [خ¦5963]
          وليس للنَّضر بن أنس عن ابنِ عبَّاسٍ في «الصَّحيح» غيرُ هذا الحديث الواحد.


[1] في (أبي شجاع): (فيعذب به)، والمثبت موافق لنسختنا من صحيح مسلم.
[2] الرَّبْو: ضيق النفَس، وأصله الانتِفاخ، ومنه قوله: {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج:5] أي: انتفخت واهتزَّت بالنبات.