الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما منعك أن تكوني حججت معنا؟

          1028- الثَّالث والخمسون: عن عطاء بن أبي رباحٍ عن ابنِ عبَّاسٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم قال لامرأةٍ من الأنصار يقال لها أمُّ سِنان: ما منعَكِ أن تكوني حَجَجتِ معنا؟ قالت: ناضِحان كانا لأبي فلانٍ زوجِها، حجَّ هو وابنه على أحدِهما، وكان الآخر يسقي أرضاً لنا، قال: فعمرَةٌ في رمضانَ تقضي حجَّة(1)، أو: / حجَّة معي». [خ¦1782]
          وفي حديث يحيى بن سعيد القَطَّان: «فإذا جاءَ رمضانُ فاعتَمِري، فإنَّ عُمرةً فيه تعدِل حجَّةً».


[1] تقضي حجَّة: أي؛ تفي بحَجةٍ وتقوم مَقامها، وقضى في اللغة على وجوه؛ مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه على الوجه المقصود به، أو المرغوب منه، أو الموثوق به، من ذلك قوله: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً} [الأنعام2] أي: حتم أجلاً وأبتَّه، ومنها الأمر كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء:23] أي: أمر ربك؛ لأنه أمرٌ حتمٌ قاطعٌ، ومن ذلك الإعلام كقوله: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء:4] أي: أعلمناهم إعلاماً قاطِعاً، ومنه {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر:66] أي: أعلمناه به وأوحيناه إليه وأكدناه عندَه، ومنه القضاء بمعنى الفصلِ في الحُكْم كقوله: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [الشورى:14] أي لفُصِل الحكمُ بينهم، ويقال: قضى الحاكم: أي فصل في الحُكم، وقضى دَينَه: أي قطع ما بينه وبين غريمِه من ذلك بالأداء له والوفاء به، وكل ما أحكِمَ عملُه فقد قُضيَ، يقال: قضيت هذه الدار: أي أحكمت عملَها وقوله: {إِذَا قَضَى أَمْرًا} [آل عمران:47] أي أحكَمه، وقوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت:12] أي خلقهنَّ وأحكمَهنَّ، والقضاء قطعُ الشيء وإحكامُه، وقوله تعالى: {يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر:20] أي يحكُم بالحق.