الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: لولا أن أشق على أمتي، أو على

          1025- الخمسون: عن عمرٍو عن عطاء قال: «أعْتَم النَّبيُّ صلعم بالعشاء(1)، فخرَج عمرُ، فقال: الصَّلاةَ يا رسول الله، رَقَدَ النِّساء والصِّبيان، فخرَج ورأسه يقطُرُ، يقول: لولا أن أشقَّ على أمَّتي، أو على النَّاس _وقال سفيان مرَّةً: على النَّاس_ لأمرتُهم بالصَّلاة هذه السَّاعةَ». كذا في حديث ابن عيينة. [خ¦7239]
          وقال: قال ابن جُريجٍ عن عطاء عنِ ابنِ عبَّاسٍ قال: «أخَّر النَّبيُّ صلعم هذه الصَّلاة... وذكره.
          وفيه: فخرَج وهو يمسَح الماء عن شِقِّه، يقول: إنَّه لَلوَقتُ / على أمَّتي». [خ¦7239]
          قال البخاريُّ: وقال إبراهيم بن المنذر: حدَّثنا معنٌ عن محمَّد بن مسلم عن عمرو عن عطاء عن ابنِ عبَّاسٍ عن النَّبيِّ صلعم.
          وعند البخاريِّ من حديث عبد الرزاق عن ابن جريج قال: حدَّثني نافع عن ابن عمر: «أنَّ النَّبيَّ صلعم شُغِلَ عنها ليلةً، فأخَّرها حتَّى رقَدنا في المسجد، ثمَّ استيقَظنا، ثمَّ رقَدنا، ثمَّ استَيقظنا(2)، ثمَّ خرَج علينا النَّبيُّ صلعم، ثمَّ قال: ليس أحدٌ من أهل الأرضِ ينتَظِر الصَّلاةَ غيرُكم.
          وكان ابن عمرَ لا يبالي أقدَّمها أم أخَّرها إذا كان لا يخشى أن يغلِبَه النَّومُ عن وقتها، وقلَّ ما كان يرقُد قبلَها».
          قال ابن جريجٍ: قلت لعطاء، فقال: سمعت ابن عبَّاسٍ يقول: «أعتَم رسولُ الله صلعم ليلةً بالعشاء حتَّى رقَد النَّاسُ واستيقظوا، ورقَدوا واستيقظوا، فقام عمرُ فقال: الصَّلاةَ _قال عطاء: قال ابن عبَّاسٍ:_ فخرَج نبيُّ الله صلعم كأنِّي أنظر إليه الآنَ، يقطُر رأسه ماءً، واضعاً يده على رأسه، فقال: لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم أن يُصَلُّوها هكذا.
          قال: فاستَثبَتُّ عطاءً: كيف وضَع النَّبيُّ صلعم على رأسه يده كما أنبأه ابن عبَّاسٍ؟ فبدَّد لي عطاءٌ بين أصابعه شيئاً من تبديدٍ، ثمَّ وضع أطراف أصابعه على قرن الرَّأس، ثمَّ ضمَّها يُمِرُّها كذلك على الرَّأس، حتَّى مَسَّت إبهامُه طرف الأذن ممَّا يلي الوجه على الصُّدْغِ وناحية اللحية، لا يقصِّر ولا يبطِشُ إلَّا كذلك». [خ¦570]
          وهو عند مسلم أيضاً من حديث عبد الرزاق عن ابن جُريجٍ عن عطاء عن / ابنِ عبَّاسٍ، ولم يصِلْه بحديث نافعٍ عن ابن عمرَ، بل ذكَره مفرداً مفصولاً منه.
          وأوَّل حديث ابنِ جريجٍ عن عطاء عند مسلم، قال: قلت لعطاء: أيُّ حينٍ أحبُّ إليك أن أصلِّيَ العشاء الَّتي يقول لها النَّاس: العَتَمَةَ إماماً وخِلْواً؟ فقال: سمعت ابن عبَّاسٍ يقول: «أعتَم رسولُ الله صلعم ذات ليلةٍ العشاءَ». ثمَّ ذكر نحواً ممَّا أوردناه في حديث البخاريِّ، إلى قوله: «لا يُقَصِّرُ ولا يَبْطِشُ إلَّا كذلك». ثمَّ قال: «قلت لعطاء: كم ذُكِرَ لك أخَّرها النَّبيُّ صلعم ليلتئذٍ؟ قال: لا أدري، قال عطاء: فأحَبُّ إليَّ أن أصلِّيها إماماً وخِلواً مؤخَّرةً كما صلَّاها النَّبيُّ صلعم ليلتئذٍ.
          قال: فإن شقَّ عليك ذلك خِلْواً أو على النَّاس في الجماعة وأنت إمامهم فصَلِّها وسَطاً، لا معجَّلةً ولا مؤخَّرةً».
          وليست هذه الزِّيادة من قول عطاء عند البخاريِّ فيما أخرجه.
          ولفظُ حديثِ ابنِ جُريج عن نافعٍ عن ابن عمرَ الَّذي أفرَده مسلمٌ بهذا الإسناد في موضعٍ قبلَه: «أنَّ رسولَ الله صلعم شُغِلَ عنها ليلةً، فأخَّرها حتَّى رقدنا في المسجد ثمَّ استيقظنا، ثمَّ رقدنا ثمَّ استيقظنا، ثمَّ خرَج علينا، ثمَّ قال: ليس أحدٌ من أهل الأرض اللَّيلة ينتَظِر الصَّلاة غيرُكُم». لم يزد.
          ولولا أنَّ البخاريَّ قرَن حديثَ ابنِ عمرَ بحديثِ ابنِ عبَّاسٍ ما احتَجنا إلى ذكرِه ها هنا.


[1] أعْتَم ليلةً بالعِشاء: أي؛ أخَّرها، يقال: عتَم الليل؛ إذا مضى منه صدرٌ، والعَتَمة من الليل بعد غيبوبة الشفَق، كذا قال الخليل، وعتَمَ القومُ إذا ساروا في ذلك الوقت، وعتَمَة الليل ظلمَتُه.
[2] زاد في (أبي شجاع): (ثمّ رقدنا ثمّ استيقظنا)، وليست في رواية «الصحيحين».