الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

          992- السَّابع عشر: عن عطاءِ بنِ يَسارٍ مولى ميمونَةَ عن ابنِ عبَّاسٍ قال: «انخسَفتْ الشَّمسُ(1) على عهدِ رسولِ الله صلعم، فصلَّى رسولُ الله صلعم، فقامَ قياماً طويلاً؛ نحواً من قراءةِ سورةِ البقرَةِ، ثمَّ ركَع ركوعاً طويلاً، ثمَّ رفَعَ فقام قياماً طويلاً، وهو دون القيامِ الأوَّل، ثمَّ ركَع ركوعاً طويلاً، وهو دون الرُّكوعِ الأوَّل، ثمَّ سجدَ، ثمَّ قام قياماً طويلاً، وهو دون القيامِ الأوَّل، ثمَّ ركَع ركوعاً طويلاً، وهو دون الرُّكوع الأوَّل، ثمَّ رفعَ فقام قياماً طويلاً، وهو دون القيامِ الأوَّل، ثمَّ ركَع ركوعاً طويلاً، وهو دون الرُّكوع الأوَّل، ثمَّ سجَد، ثمَّ انصرَف وقد تجلَّتْ الشَّمسُ(2)، فقال: إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ الله، لا يَخسفانِ لموتِ أحدٍ / ولا لحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك فاذكُروا الله. قالوا: يا رسولَ الله؛ رأيناك تناوَلتَ شيئاً في مقامِك، ثمَّ رأيناك تكَعكَعتَ(3)، قال: إنِّي رأيتُ الجنَّة، فتناولتُ عنقوداً، ولو أصبتُه لأكَلتُم منه ما بَقِيَتِ الدُّنيا، وأُريتُ النَّار، فلم أرَ منظراً كاليومِ قطُّ أفظعَ(4)، ورأيتُ أكثرَ أهلِها النِّساءَ.
          قالوا: بِمَ يا رسولَ الله؟ قال: بكُفْرِهنَّ. قيل: أيكفُرن بالله؟ قال: يَكفُرن العَشيرَ(5)، ويَكفُرن الإحسانَ، لو أحسَنتَ إلى إحداهُنَّ الدَّهر كلَّه ثمَّ رأتْ منكَ شيئاً قالت: ما رأيتُ منك خيراً قطُّ!». [خ¦29]
          وقد رواه مسلمٌ مختصراً في الصَّلاةِ فقط من حديث كثيرِ بنِ عبَّاسٍ عن ابنِ عبَّاسٍ عن النَّبيِّ صلعم: «أنَّه صلَّى أربع ركعاتٍ في ركعتَين وأربع سجداتٍ». يعني في كسوف الشَّمس.
          وعن عروةَ عن عائشة مثله (6).
          وليس لكثيرِ بنِ العبَّاس عن أخيه عبد الله في «الصَّحيح» غيرُ هذا الحديث.
          وعند مسلمٍ من حديث حبيبِ بنِ أبي ثَابتٍ عن طاوُس عن ابنِ عبَّاسٍ قال: «صلَّى رسولُ الله صلعم حين كسفتِ الشَّمسُ ثمانِ ركعاتٍ في أربع سجداتٍ»، وعن عليٍّ مثلُ ذلك.
          وفي حديث يحيى بنِ سعيدٍ القطَّان: «أنَّ النَّبيَّ صلعم [صلَّى] في كسوفِ / الشَّمسِ قرأ ثمَّ ركَع، ثمَّ قرَأ ثمَّ ركَع، ثمَّ قرَأ ثمَّ ركَع، ثمَّ قرَأ ثمَّ ركَع(7)، ثمَّ سجدَ»، والأخرى مثلُها.


[1] خَسَفَ القمرُ: ذهب نوره، وقيل: الخسوف للقمر، والكسوف للشمس، وقيل: إذا ذهب بعضُها فهو الكسوف، وإذا ذهب الجميعُ فهو الخسوف، وكان سعد بن عليٍّ شيخُنا في اللغة يستَحسِن هذا.
[2] تجلَّى الشيءُ وانجلى: انكشفَ وظهَر.
[3] كَعْكَع: إذا تأخَّر عن الأمر ولم يتقدَّم، ويقال: كَعْكَع وكَعَّ وتكَأْكَأ: إذا جبُن عن الإقدام.
[4] أفظَعَ الشّيءُ وفَظُع فهو فَظيع ومُنفَظع أي: شديدٌ هائل.
[5] العَشير: الصَّاحب والزَّوج.
[6] انظر الحديث السابع والثلاثين من مسند عائشة.
[7] سقط قوله: (ثمَّ قرأ ثمَّ ركع) من (أبي شجاع).