الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أن النبي خرج إلى أرض تهتز زرعاً

          1000- الخامس والعشرون: عن طاوُس عن ابنِ عبَّاسٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم خرَج إلى أرضٍ تَهتزُّ زَرعاً(1)، فقال: لِمَن هذه؟ فقالوا: اكتَراها فلان، فقال: أما إنَّه لو مَنَحَها(2) إيَّاه كان خيراً له من أن يأخذَ عليها أجراً معلوماً». [خ¦2330]
          وفي حديث حمَّاد بن زيد عن عمرو: أنَّ مجاهداً قال لطاوُس: انطَلِق بنا إلى / ابنِ رافع بن خَديج فاسمَع منه الحديث عن أبيه عن النَّبيِّ صلعم، قال: فانتَهرَه وقال: إنِّي والله لو أعلم أنَّ رسولَ الله صلعم نَهى عنه ما فعلتُه، ولكن حدَّثني مَن هو أعلم به منهم _يعني ابن عبَّاسٍ_ أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لأن يَمنحَ الرَّجل أخاه أرضَه خيرٌ له من أن يأخذَ عليها خَرجاً معلوماً».
          وقد أخرجَه مسلمٌ أيضاً من حديث ابنِ طاوُس عن أبيه بنحوِه، قال: وقال ابن عبَّاسٍ: هو الحَقلُ، وهو بلسان الأنصار: المُحاقلَة(3).
          وفي حديث عبد الملك بن مَيسَرَة(4) عن طاوُس عن ابنِ عبَّاسٍ عن النَّبيِّ صلعم قال: «من كانت له أرضٌ فإنَّه إن منَحها أخاه خيرٌ له». لم يزد.


[1] اهتزَّتِ الأرضُ بالنبات: أي ظهر فيها منه ما حَسُنَ.
[2] مَنَحَ الأرضَ: أي أباح زراعتَها بغير أجرٍ، ومنح الشاةَ: إذا أباح أخذَ لبنها بغير ثمنٍ.
[3] المحاقَلة المنهيُّ عنها؛ فيها أقوال:
أحدها: اكتِراء الأرض بالحنطة، وقد جاء ذلك في بعض الأحاديث.وقيل: هي المزارَعة بالثُّلث والرُّبع وأقلَّ من ذلك وأكثرَ.وقال أبو عُبيد: هو بيع الطعام في سنبُله، مأخوذٌ من الحقْل، والحَقْل: القَراح في تسمية أهل العراق، وفي بعض الحديث: «ما تصنعون بمَحاقِلكم» أي: بمَزارعِكم، ويقال للرجل: احقِلْ أي: ازرَع، قال: وإنما وقع الحظر عن ذلك؛ لأنه لا يجوز في شيء من المَكيل منه والموزونِ من جنسٍ واحدٍ إلا أن يكونَ مثلاً بمِثْل ويداً بيد، وهذا هاهنا مجهول لا يُدرى مقداره.وقال الليث: الحقل: الزرعُ إذا تشعَّب، قيل لي في هذا: إن كانت المحاقلةُ مأخوذةً من هذا فهو بيعُ الزرع قبل إدراكه، قال: والحَقلة؛ المزرعة، ومنه قولهم: (لا تُنبتُ البقلةَ إلا الحقلةُ).
[4] وقع في الأصول: (عبد الله)، والصواب ما أثبتناه، وفي نسختنا من رواية مسلم: (عبد الملك بن زيد) وهو تحريف عن (عبد الملك أبي زيد) ! .