الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده

          979- الرَّابع: بهذا الإسنادِ عن ابنِ عبَّاسٍ قال: «لمَّا حُضِرَ رسولُ الله صلعم وفي البيتِ رجالٌ فيهم عمرُ بنُ الخطَّاب، قال النَّبيُّ صلعم: هَلُمُّوا أكتُبْ لكُم كِتاباً لن تضِلُّوا بعده. فقال عمرُ _وفي روايةٍ: فقال بعضُهم_ : رسولُ الله صلعم قد غلَبَ عليه الوجَعُ، وعندَكم القرآن، حسبُكم(1) كتابُ الله! فاختَلَف أهلُ البيتِ واختَصَمُوا، فمنهم من يقول: قرِّبوا يكتُبْ لكم رسول الله صلعم، ومنهم من يقول ما قال عمرُ.
          وفي روايةٍ: ومنهم من يقول غيرَ ذلك، فلمَّا أكثَروا اللَّغَطَ(2) والاختلافَ، قال رسول الله صلعم: قومُوا عنِّي».
          قال عُبيد الله: فكان ابنُ عبَّاسٍ يقول: «إنَّ الرَّزِيَّة كلَّ الرَّزِيَّة ما حال بينَ رسول الله صلعم وبين أن يكتُبَ لهم ذلك الكتابَ؛ لاختلافِهم ولَغَطِهِم». [خ¦4432]
          وفي حديث يونسَ عن الزُّهريِّ قال: «قوموا عنِّي، ولا ينبَغي عندِي / التَّنازعُ(3). فخرَج ابنُ عبَّاسٍ وهو يقول: إنَّ الرَّزِيَّة كلَّ الرَّزِيَّة ما حال بين رسولِ الله صلعم وبين كتَابه». [خ¦114]
          وأخرجاه من حديث سليمانَ بنِ أبي مسلمٍ الأحوَلِ _وفيه زيادةٌ_ قال: قال ابنُ عبَّاسٍ: «يومُ الخميسِ! وما يومُ الخميسِ !».
          وفي روايةٍ: ثمَّ بكى حتَّى بلَّ دمعُه الحصى، فقلتُ: يا أبا عبَّاسٍ، وما يوم الخميس؟ قال: «اشتدَّ برسول الله صلعم وجعُه، فقال: ائتُوني بكتفٍ أَكتُب لكُم كتاباً لا تضِلُّوا بعده أبداً. فتنازَعوا، ولا ينبَغي عند نبيٍّ تنازعٌ.
          فقالوا: ما شأنُه هَجَرَ(4) ؟ استَفهِموه، فذَهبوا يردُّون عليه، فقال: ذَرُوني، دَعُوني، فالَّذي أنا فيه خيرٌ ممَّا تدعونني إليه. فأمرَهم _وفي روايةٍ: فأوصاهم_ بثلاثٍ، فقال: أخرِجوا المشرِكِين من جَزيرةِ العرَبِ، وأجيزوا(5) الوفدَ بنحوِ ما كُنْتُ أجيزُهم».
          وسكَت عن الثَّالثةِ، أو قالها فنسيتُها.
          قال سفيانُ: هذا من قولِ سليمانَ.
          وفي حديث قَبيصَة: ونسِيتُ الثَّالثة. [خ¦3053]
          وأخرجه مسلمٌ مختصراً من حديث طلحةَ بنِ مصرِّفٍ عن سعيد بن جُبير عن ابنِ عبَّاسٍ. /


[1] حَسبُك: كافيك.
[2] اللَّغَطُ: اختلاطُ الأصواتِ والجلَبة والضَّوضاء.
[3] التَّنازعُ في القَول: الاختلافُ والمجادلةُ المؤدِّية إلى التخليط، قال تعالى: {يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} [الكهف:21] ، وهو في الفِعل: المعاطاة والمناوَلة، قال تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا} [الطور:23] .
[4] الهَجْر في القول بفتح الهاء: الهذَيان، وهو النُّطق بما لا يُفهَم، يقال: هجَر بمعنى هذى، وأهجَر: نطق بالفُحش، والهُجْر: بضم الهاء، الإفحاش في المنطِق.
[5] أَجيزوا: أي أَعطوهم، والجائزة: العطاء.