الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً

          986- الحادي عشر: بإسناده: «أنَّ ابنَ عبَّاسٍ كان يحدِّث أنَّ رجلاً أتى رسولَ الله صلعم، فقال: يا رسولَ الله؛ إنِّي رأيتُ اللَّيلة في المنامِ ظُلَّة(1) تَنْطِفُ(2) السَّمن والعَسل، وأرى النَّاس يتكفَّفونَ(3) منها بأيديهِم، فالمستكثِرُ والمستَقِلُّ، / وإذا بسببٍ واصلٍ(4) من الأرضِ إلى السَّماء، فأرَاك أخَذتَ به فعَلوتَ، ثمَّ أخَذ به رجلٌ آخر فعَلا به، ثمَّ أخَذ به رجلٌ آخر فعَلا به، ثمَّ أخَذ به رجلٌ آخر فانقَطع به، ثمَّ وصَل له فعلا، فقال أبو بكرٍ: يا رسولَ الله؛ بأبي أنت، والله، لتَدَعنِي فأعبُرَها(5)، فقال النَّبيُّ صلعم: اعْبُر.
          قال أبو بكرٍ: أمَّا الظُّلَّة فظُلَّة الإسلامِ، وأمَّا الَّذي يَنْطِفُ من العَسلِ والسَّمنِ فالقرآنُ: حلاوتُه ولينُه، وأمَّا ما يتكفَّفُ النَّاسُ من ذلك فالمستكثرُ من القرآنِ والمستقلُّ، وأمَّا السَّببُ الواصلُ من السَّماء إلى الأرضِ فالحقُّ الَّذي أنت عليه، تأخذ به فيُعْليكَ الله، ثمَّ يأخذُ به رجلٌ من بعدِكَ فيَعْلو به، ثمَّ يأخذُ رجلٌ آخر فيَعْلو به، ثمَّ يأخذُ به رجلٌ آخرُ فينقَطع به، ثمَّ يوصَلُ له فيَعْلو به، فأخبِرني يا رسولَ الله بأبي أنت؛ أصبتُ أمْ أخطأتُ؟ قال النَّبيُّ صلعم: أصَبتَ بعضاً وأخَطأتَ بعضاً.
          قال: والله لتُحَدِّثَنِّي بالذي أخطَأتُ به، قال: لا تُقْسِمْ». [خ¦7000]
          وفي أوَّل حديثِ سفيانَ عن الزُّهريِّ: «جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلعم مُنصرَفَهُ من أحدٍ، فقال: يا رسولَ الله؛ إنِّي رأيتُ اللَّيلة...» الحديثَ بمعناه.
          وفي حديث معمرٍ عن ابنِ عبَّاسٍ أو أبي هريرةَ، وكان معمرٌ أحياناً يقول: عن ابنِ عبَّاسٍ، وأحياناً يقول: عن أبي هريرة. / [خ¦7000]
          قال البخاريُّ: وقال شعيبُ وإسحاقُ بن يحيى عن الزُّهريِّ: كان أبو هريرة يحدِّثه عن رسولِ الله صلعم، وكان معمرٌ لا يُسنِده حتَّى كان بعدُ. [خ¦7000]
          وفي أوَّل حديثِ سليمانَ بنِ كثيرٍ عن الزُّهريِّ: أنَّ رسولَ الله صلعم كان ممَّا يقولُ لأصحابِه: «مَن رأى منكُم رؤياً فلْيَقُصَّها(6) أَعْبُرْها.
          قال: فجاءَ رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله؛ رأيت ظُلَّةً...» بنحوه.


[1] الظُّلَّة: السَّحابة تظِلُّ مَن تحتَها، وجمعها: ظُلَل.
[2] تنطِف: أي تقطر، يقال: نطف ينطِف وينطُف بكسر الطاء وضمها نَطفاً.
[3] يتكفَّفون بأيديهم: أي يمدون أيديهم فيأخذون بأكفهم.
[4] وإذا بسببٍ واصل: أي؛ بحَبلٍ ممدود، وكلّ ما نتوصَّل به إلى شيء يتعذَّر الوصول إليه فهو سبَب.
[5] عبَرتُ الرؤيا، وعبَّرتها عَبْراً، أعبُرها عبْراً وتعبيراً: إذا أخبرتُ بما يؤول إليه أمرها.
[6] قصَّ الرؤيا: إذا ذكرَها على ما رآها، وقصَّ الحديثَ: إذا حكاه على ما علمه.