التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم

          6931- قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَطَاءٍ) أي: ابن عبد الرَّحمن بن عوفٍ، وتقدَّم الخلاف في اسمه، (ابْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، فَسَأَلاَهُ عَن الحَرُورِيَّةِ) _بفتح الحاء المهملة وضمِّ الرَّاء الأولى_ منسوبةٌ إلى حَروراء قريةٌ بالكوفة نسبةً على غير قياسٍ، خَرج منها نَجْدَةُ _بفتح النُّون وسكون الجيم ودالٍ مهملةٍ_ هو وأصحابه على عليٍّ ☺، وخالفوه في مقالاتٍ علميَّةٍ وعصوه وحاربوه.
          قوله: (فَقَالَ: لاَ أَدْرِي مَا الحَرُورِيَّةُ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ _وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا_) فيه إشعارٌ بأنَّهم ليسوا مِن هذه الأمَّة، لكنَّه معارضٌ / بما في بعض الرِّوايات: ((يخرج مِن أمَّتي)). وقال المازَريُّ: هذا مِن أدلِّ الأدلَّة على سِعة علم الصَّحابة ودقيق نظرهم وتحريرهم الألفاظ وفَرقهم بين مداولاتها الخفيَّة لأنَّ لفظة (مِنْ) تقتضي كونهم مِن الأمَّة لا كفَّارًا بخلاف لفظة (فِي) وهَذا على مذهب مَن يكفِّرهم.
          قوله: (يَقْرَؤونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ، _أَوْ حَنَاجِرَهُمْ_) يعني حلاقيمهم، يريد أنَّه لا يَصعد في جملة الكلم الطَّيب إلى الله تعالى، أو لا ينتفعون به كما لا ينتفع الرَّامي مِن رميته.
          قوله: (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ، إِلَى نَصْلِهِ) أي: حديدة السَّهم، (إِلَى رِصَافِهِ) _أي: بكسر الرَّاء وصادٍ مهملةٍ_ جمع رصفة، وهو عصبٌ يُلوى على موضع الفوق وعلى مدخل النَّصل مِن السَّهم. وقال الدَّاوديُّ: إنَّه ما قارب الحديد مِن العود، وقيل: هو بضمِّ الرَّاء. قال ابن التِّين: ورُويناه بضمِّ الرَّاء، وكسرها جميعًا الكِرْمَانيُّ، واحتجَّ بعضهم بهذا التَّركيب على وقوع بدل الغَلط في كلام البليغ.
          قوله: (وَيَتَمَارَى فِي الفُوقَةِ) _هي بضمِّ الفاء_ موضع الوتر مِن السَّهم، يريد أنَّهم لما تأوَّلوه على غير الحقِّ لم يحصل لهم بذلك أجرٌ ولم يتعلَّقوا بسببه بالثَّواب لا أوَّلًا ولا وسطًا ولا آخرًا.