التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

          6921- قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) بهمزةٍ بعد الألف، واسمُه شقيق بن سَلمة.
          قوله: (جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ).
          (الأَوَّلِ) مَا عُمل في الجاهليَّة، (وَالآَخِرِ) ما عُمل في الإسلام. قال الخطَّابيُّ: ظاهره خلاف ما اجتمع عليه الأئمَّة (1) مِن أنَّ الإسلام يجبُّ ما قبله، وقال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال:38] وتأويله أنَّ الذي أسلم ولم يزل يرتكب المعاصي معاقبٌ ويُعيَّر بما كان منه في الكفر، ويبكَّت به فيُقال: كنت تفعل وأنت جاهليٌّ ثمَّ يقول في الإسلام: ألم يمنعك منه، وأمَّا أنَّه يعاقب بما كان يفعله في الكفر فلا، بل بما فعله في الإسلام إن لم يُعف عنه.
          قال الكِرْمَانيُّ: ويحتمل أن يكون معنى أساء في الإسلام هو أن لا يكون صحيح الإسلام، أو ليس إيمانه خالصًا بأنْ يكون منافقًا ونحوه. انتهى. وقال القرطبيُّ: يعني بالإحسان في الإسْلام الإخلاص فيه حين دخوله والدَّوام على ذلك إلى حين وفاته، والإساءة فيه ضدُّ ذلك فإنَّه إنْ لم يخلص بباطنه في إسلامه كان منافقًا ولا ينهدم عليه ما عمله في الجاهليَّة مِن الكبائر بالنِّفاق بل بالإسلام الخالص فينضاف نفاقُ (2) الفاجر إلى كفره المتقدِّم فيكون مع المنافقين في الدَّرك الأسفل مِن النَّار، ولعلَّ الكَرْمَانيَّ أخذ ما قاله من كلام القرطبيِّ هذا.


[1] في الأصل:((الأمة)).
[2] في الأصل:((نفاقه)).