التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: أي ساعة يحتجم؟

          ░11▒ (بَابُ أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ)
          وفي بعضها: <أية ساعة>. فإن قلت: فما وجه التَّاء هنا والله يقول: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان:34]؟ قلتُ: قد قُرِئ أيضًا:▬بأية أرضٍ↨. قال: الزَّمخشريُّ: / شبَّه سِيبويه تأنيث «أي» بتأنيثِ «كل» في قولهم: كُلُّهن. وليس في حديث الباب لها وقت مُعيَّن (1) بل جميع ساعات اللَّيل والنَّهار سواء، ووقتُها بحسب الحاجة، واستحبَّ ابن عباس السَّابعَ عشر والتَّاسعَ عشر والحاديَ والعشرين مِنَ الشهر. وكان أبو بكْرةَ ينهى عن الحِجامة يوم الثلاثاء ويزعُمُ أنه ( قال (2) ((يومُ الثلاثاءِ يَوْمُ الدَّمِ، وفيهِ ساعةٌ لا يَرْقَأُ)). قال ابن أبي عاصم: وحدَّثني غير واحد مِن شيوخ آل أبي بكْرة منهم: عبد الملك بن هَوْذَةُ بن خَليفة أنَّ هذا الحديث معروف، وقال: ((مَنِ احْتَجَمَ يَوْمَ الثُّلاثاءِ إلَّا كانت مَنِيَّتُهُ فيه)).
          وفي «علل» ابن الجوزي: ((عليكم بالحِجَامَةِ يومَ الخميس فإنها تزيدُ في العقل)). وفي «الطبَّ» لأبي نُعيم مِن حديث ابن عباس مرفوعًا: ((لا تَحْتَجِمُوا يومَ الأربعاء فما نَزَلَ مِنْ جنون ولا جُذام ولا بَرص إلَّا ليلةَ الأربعاء)) وذكر فيه مرفوعًا: ((مَن احتجمَ أو تَنَوَّرَ يوم الأربعاء _أو يومَ السَّبت_ فأصابه وَضَحٌ فلا يلومنَّ إلَّا نفسه)) وقيل لأحمد: إنَّ فلانًا احتجمَ يوم الأربعاء _أو قال يومَ السبت_ فأصابه الوضَحُ فقال: لعلَّهُ استهان بالحديث. وما استحبَّه (3) ابن عباس رواه الترمذي في «جامعه» عن ابن عباس يرفعه: ((إنَّ خير ما تحتَجِمُوْنَ فيه يوم سابعِ عشرة أو تاسع عشرة أو يوم إحدى وعشرين)) وفيه عن أنس: ((كان النبيًّ ( يحتجم لسبعة عشر وتسعة عشر وفي إحدى وعشرين)). وفي «سنن ابن ماجه» عن أنس مرفوعًا: ((مَن أراد الحجامة فليخترْ سبعة عشر أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين كانت شفاء مِن كلِّ داء)) وهذا معناه مِنْ كُلِّ داءٍ سببه الدَّم.
          وهذه الأحاديث موافقةٌ لما أجمع عليه الأطباءُ أنَّ الحجامة في النِّصف الثاني وما يليه مِن الرَّبع الثالث مِنْ أرباعِ الشَّهرِ أنفعُ مِن أوَّله، وإذا استُعمِلَت عند الحاجة إليها نفعت أيَّ وقتٍ كان مِن أوَّل الشَّهر وآخره. قال صاحب «القانون»: وأوقاتُ الحجامة في النَّهار السَّاعةُ الثانية أو الثَّالثة ويجب تَوَقِّيْها بعد الحمَّام إلَّا في حقِّ مَنْ دَمُهُ غليظٌ فيجب أن يَسْتَحِمَّ ثمَّ يحتجم بعد هجوم ساعة، ويُكره عندهم الحجامة على الشَّبع فإنَّها ربَّما أورثت سددًا وأمراضًا رديئة لاسَّيما إذا كان الغذاء رديئًا غليظًا، وفي أثرٍ: ((الحجامةُ على الرِّيْقِ دواء، وعلى الشِّبَعِ داء، وفي السَّبعة عشر شفِاء)). واختيارُ هذه الأوقات إذا كانت الحجامة على سبيل الاحتياط والتَّحرز مِن الأذى وحفظِ / الصِّحة، وأمَّا في مداوات الأمْراض فحيث ما وُجد الاحْتياج إليها وجبَ استعمالها. وفي «جامع الخَلَّال» عن أحمد أنَّه كره الحِجامة في الأربعاء والسَّبت، وروى الخلَّال عن أبي سَلمة وسعيد المَقْبُري عن أبي هريرة مرفوعًا: ((مَن احتجم يوم الأرْبعاء ويوم السَّبت فأصابه بياضٌ أو بَرَصٌ، فَلا يلومنَّ إلَّا نفسه)). وعن أحمد أنَّه بلغَه أنَّ رجلًا احتجم يوم الأرْبعاء فأصابه البَرص، فقال: كأنَّه (4) تهاون بالحديث.
          قوله: (وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا) هذا التَّعليق أخرجه ابن أبي شيبة عن هُشَيم عن إسماعيل بن سالم عن أبي بُردة بن أبي موسى عن أبيه.


[1] في الأصل صورتها:((حين)).
[2] قوله:((قال)) ليس في الأصل.
[3] في الأصل:((استحبه)) غير واضح.
[4] كذا في الأصل, والذي في الشروح:((لكونه)).