التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء

          5678- قوله: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً) المراد بإنزال الداء إنزال الملائكة الموكلون بمباشرة مخلوقات الأرض من الدَّاء والدَّواء. فإن قلتَ: نحن نجد كثيرًا من المرضى يتداوون فلا يبرؤون. قلتُ: ذلك من الجهل بحقيقة المداواة أو بتشخيص الداء لا لفقد الدواء.
          بَابُ الطِّبِّ.
          مثلَّث الطاء اسم الفعل كما ذكره ابن السيد في مثلَّثه، والطَّبُّ _بالفتح_ الرجل العالم بالأمور، وكذلك الطبيب وامرأة طبَّة. والطِّب: السحر، والطِّب: الدَّاء، من الأضداد، والطِّب: الشهوة. وكلُّ هذه مكسورة. وفي «المنتهى» لأبي المعالي: الطِّبُّ: الحذق في الشيء، وكلُّ حاذق عند العرب طبيب، وإنَّما خصُّوا به المعالج دون غيره من العلماء تخصيصًا وتشريفًا. وجمع القلة: أطبة، وجمع الكثرة: أطباء.
          وحدُّ الطِّبِّ كما قال ابن سينا في ابن حورية (1): الطب حفظ (2) صحة / من ذي مرض من سبب في بدن فيه عرض، والمرض خروج الجسم عن المجرى الطبيعي، والمداواة الردُّ إليه وحفظ الصحة وبقاؤها عليه. والطبيب هو العالم بالشيء الخفي الذي لا يبدو إلَّا بعد معاناة بفكر صافٍ ونظر وافٍ.
          وحديث الباب أخرجه أصحاب «السنن الأربعة» من حديث أسامة، وصحَّحه الترمذي وابن حبَّان والحاكم، وفيه: ((إلا داء واحد وهو الهرم)) وفي رواية لابن حبَّان: ((إلَّا السَّأم والهرم)) وأخرجه مسلم من حديث جابر، وأغرب الحاكم فاستدركه عليه وقال: صحيح على شرط مسلم.
          قوله: (إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً) هو بالمد، قال تعالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}[النحل:69] والدَّاء ممدود مفتوح الدال لا غير، وفتح دال الدَّواء أفصح مِن كسرها كما قاله القرطبي. وقد عُلِمَ أنَّ الحديث ليس على عمومه لاستثناء الهرم والموت في الأَحاديث الأُخر.
          قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ) هو مِن شيوخ الإمام أحمد، واسمه محمَّد بن عبد الله بن الزبير، روى له الجماعة.


[1] كذا في الأصل، ولعل الصواب: أرجوزته.
[2] صورتها في الأصل:((حفص)).