التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: أراه فلانًا لعم حفصة من الرضاعة الرضاعة تحرم

          3105- قوله: (عَنْ محمَّد بْنِ يَحْيَى بْنِ حبَّان، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حبَّان) كلاهما بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحَّدة.
          قوله: (فَقَالَ صلعم : أُرَاهُ فُلَانًا، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِن الرَّضَاعَةِ) (أُرَاه) بضمِّ الهمزة، أي: أظنُّه.وفيه جواز الإذن لدخول عمِّ الرَّضاعة، وانتشار الحرمة بين المرضعة وأولاد الرَّضيع، وبينه وبين أولاد المرضعة، وأنَّه في ذلك لولدها من النَّسب، وهذا أمر مجمع عَلَيْه.
          تنبيه: قال الطَّبري: إن قلت: إذا كان النَّبيُّ صلعم لم يُورِّثْ شيئًا كما قال في الحديث: ((ما تركنا صدقة)) فكيف سكن أزواجه بعده في المساكن إن كنَّ لم يرثنه إذًا؟ وكيف يخرجن عنها؟ ثمَّ أجاب بأنَّ طائفة من العلماء قالت أنَّه جعل لكلِّ امرأة منهنَّ كانت ساكنة مسكنها الَّتي كانت تسكنه في حياته؛ فملكت ذلك في حياته؛ فتُوفِّيَ صلعم وذلك لها، ولو صار لهنَّ ذلك من جملة الميراث عنه، لم يكن لها سوى الثَّمن، وكان ذلك الثَّمن شائعًا في جميع المساكن لجميعهنَّ.وفي ترك منازعة العبَّاس وفاطمة ♦ لهنَّ في ذلك، وترك منازعة بعضهنَّ بعضًا أوضح دليل على أنَّ الأمر في ذلك ما ذكرناه.وقد قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب:33] لئلَّا يخرجن عن منازلهنَّ بعد موته صلعم .وقال آخرون: إنَّما تركن في المساكن الَّتي كنَّ فيها في حياته؛ لأنَّ ذلك كان من بيوتهنَّ الَّتي كان ◙ استثناه لهنَّ ممَّا كان بيده أيام حياته.كما استثنى نفقاتهنَّ حين قال: ((ما تركت بعده نفقة عيالي ومؤنة عاملي فهو صدقة)) ويدلُّ على صحَّة ذلك أنَّ ساكنهنَّ لم يرثها عنهنَّ / ورثتهنَّ، ولو كان ذلك ملكًا لهنَّ لورثن عنهنَّ بلا شكٍّ.وفي ترك ورثتهنَّ حقوقهم من ذلك؛ دليل على أنَّه لم يكن ملكًا لهنَّ، وإنَّما كان لهنَّ سكناه حياتهن، فلمَّا مضين (1) جُعِلَ ذلك زيادة في المسجد الَّذي يعمُّ نفعه المسلمين.انتهى.
          وهو نحو قول ابن عيينة السابق أنَّهنَّ في معنى المعتدَّات لتحريم نكاحهنَّ بعده؛ فأُجرِيَ عَلَيْهنَّ النَّفقة، ودام لهنَّ السُّكنى.


[1] في الأصل: غير واضحة، وصورتها:((بيَّن)).