التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب من استأجر أجيرًا فبين له الأجل ولم يبين العمل

          ░6▒ (باب مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَبَيَّنَ لَهُ الأَجَلَ وَلَمْ يُبَيِّنِ العَمَلَ، لِقَوْلِهِ تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}[القصص:27] الآية) قال المهلب: ليس كما ترجم؛ لأنَّ العمل كان عندهم معلومًا عادة، ووقع للأصيلي: (فبين له الأجر بالمراد)، وللكافة: (الأجل)، وكلاهما / صحيح، قال القاضي: وباللام أوجه وأصوب لموافقة الآية التي ذكرها، وفي قصة موسى وشعيب ♂: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}[القصص:27]، فبين له أجل الإجارة، ولكن لن يقول: كان ذلك شرطًا في إنكاحه إياها، ولم يكن صداقًا؛ لأنَّه قال: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي}[القصص:27]، ولم يقل: تأجرها، والتي قالت له: {يَاأَبَتِ (1) اسْتَأْجِرْهُ}[القصص:26] هي صقورا، وقد يقال: كان ذلك صداقًا لها، وكانت الغنم لها وهي صغيرة، فاستأجره ليرعى غنمها، أو كانت كبيرة ولم تكن رشدت بعد، قال الكرماني: إن قيل: ما الفائدة في عقد هذا الباب؛ إذ لم يذكر فيه حديثًا؟ وأجاب بأن المقصود منه: تفسير قوله: {تَأْجُرَنِي}[القصص:27]، وأن تأجر فلانًا: تعطيه أجره، وأيضًا فكثيرًا ما يقصد البخاري بتراجم الأبواب بيان المسائل الفقهية، فأراد هنا بيان جواز مثل هذه الإجارة، واستدل عليه بالآية.
          قوله: (يَأْجُرُ فُلاَنًا: يُعْطِيهِ أَجْرًا، أو مِثلهُ أَجَرَكَ اللهُ فِي التَّعْزِيَة) يريد البخاري: أن آجرت ممدود، لكن يجوز فيه القصر، ولا يحسن فيه الاستشهاد بالتعزية؛ لأنَّ المعنى فيهما مختلف، وفرق بين الأجر والأجرة، وقال المطرزي: ما كان من فاعل في معنى المعاملة كالمشاركة والمزارعة لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، فإذا قلت: آجره الدار؛ فهو من أفعل لا غير، فإذا قلت: آجر الأجر كان موجهًا.


[1] في الأصل:((أبته)).