تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {وبث فيها من كل دابة}

          ░14▒ (بَابُ: قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة:164]) أي: فرَّق ونشَر.
           (الثُّعْبَانُ) أي: في قوله تعالى: {فإذا هي ثعبَان مُبِينٌ} [الأعراف:107]. (الحَيَّةُ الذَّكَرُ مِنْهَا) أي: مِن الحيَّات. وقال الجَوهري: هو ضرب مِن الحيات طِوال، وقيد بالذَّكَر لأن لفظ الحية يقع على الذكر والأنثى، وليست التاء فيه للتأنيث بل للوحدة كتاء تمرة ودجاجة، هذا وقد روي عن العرب (رَأَيْتُ حَيًّا عَلَى حَيَّةٍ) أي: ذكرًا على أنثى. (يُقَالُ: الحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ) في نسخة: <الجِنَّانُ أَجْنَاسٌ> وهو بكسر الجيم وتشديد النون، (الجَانُّ) هو الدقيق(1) مِن الحيَّات، ويقال للشيطان أيضًا، (وَالأَفَاعِي) جمع أَفعى، ويقال فيه: أفعُو وأفعِي بقلب الألف واوًا أو ياء، وبعضهم يشدد الواو والياء، والأُفعُوان بضم الهمزة: ذكر الأفاعي، وكنية الأفعى: أبو حيَّان، وأبو يَحْيَى؛ لأنه يعيش ألف سنة(2)، وهو الشجاع الأسود الذي يواثب الإنسان، (وَالأَسَاودُ) جمع أسوَد: وهو العظيم(3) مِن الحيات، وفيه سواد، ويقال هو أخبث الحيَّات.
          ({آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}) يعني في قوله تعالى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود:56] أي: في (مُلْكِهِ وَسَلْطَانِهِ)، وخصَّ الناصية بالذكر على عادة العرب في ذلك، يقول(4): ناصية فلان في يد فلان إذا كان في طاعته.
          (يُقَالُ:{صَافَّاتٍ}) يعني: في قوله تعالى(5): {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} [الملك:19] أي: (بُسُطٌ أَجْنِحَتَهُنَّ)، ({يَقْبِضْنَ}) أي: في قوله تعالى: {وَيَقْبِضْنَ} [الملك:19] معناه: (يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ) أي: بعد بسطها حال الطيران.


[1] في (ع): ((الرقيق)).
[2] في المطبوع: ((يعيش ألفا)).
[3] في المطبوع: ((الفظيع)).
[4] في المطبوع: ((تقول)).
[5] زاد في (ك): (({وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ})) [النور:41].