تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب ذكر الملائكة

          ░6▒ (بَابُ: ذِكْرِ المَلائِكَةِ) جمع مَلْأَك، وأصله: مَأْلَك، قدِّمت اللام وأُخِّرت الهمزة فوزنه مَفعَل(1) مِن الألُوكة: وهي الرسالة، ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل: ملك، فلما جمعوه ردوه إلى أصله فقالوا: ملائكة، فزيدت التاء للمبالغة أو لتأنيث الجمع. واختلفوا في حقيقتهم بعد اتفاقهم على أنَّهم ذوات موجودة قائمة بأنفسها، فذهب أكثر المسلمين إلى أنَّها: أجسام لطيفة قادرة على التشكل بأشكال مختلفة مستدلِّين بأنَّ الرَّسل كانوا يرونهم كذلك، وقالت طائفة مِن النصارى: هم(2) النفوس الفاضلة البشرية المفارقة للأبدان، وزعم الحكماء أنهم(3) جواهر مجردة مخالفة للنفوس الناطقة في الحقيقة، منقسمة إلى قسمين: قسم شأنهم الاستغراق في معرفة الحق كما وصفهم في كتابه تعالى بقوله: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ } [الأنبياء:20]، وهم العليون والملائكة المقربون، وقسم (4) تدبر(5) الأمر مِن السماء إلى الأرض على ما سبق به القضاء وجرى به القلم الإلهي {لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6] وهم المدبِّرات أمرًا، فمنهم سماوية ومنهم أرضية. (عبدالله بْنُ سَلامٍ) بتخفيف اللام. (إِنَّ جِبْرِيلَ ◙ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلائِكَةِ) أي: لأنه يطلع الرسول صلعم على أسرارهم. {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات:165] أي: (المَلائِكَةِ).


[1] في المطبوع: ((معفل)).
[2] في (ع) و(ك) و(د): ((هي)).
[3] في (د): ((أنها)).
[4] زاد في المطبوع: ((شأنه)).
[5] في المطبوع: ((تدبير)).