التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض

          قوله: (وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ): (يُصدَّق)؛ بضمِّ أوَّله، وتشديد الدَّال، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(النِّساءُ): قائم مقام الفاعل.
          قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو ابن أبي طالب ☺، مشهورُ التَّرجمةِ، وأمَّا (شُرَيح)؛ فهو بالشِّين المعجمة المضمومة، وفي(1) آخره حاء مهملة، وهو شريح بن الحارث بن قيس بن الجَهْم بن معاوية القاضي، أبو أميَّة الكِنديُّ، ولَّاه عُمر ☺ القضاء بالكوفة، ووُلِّيَ قضاء البصرة وقتًا، سمع عُمرَ وعليًّا، وعنه: إبراهيم وأبو حَصِين، وقيل: إنَّه تعلَّم من معاذ باليمن، تُوُفِّيَ سنة ░78هـ▒، وقيل: سنة ░80هـ▒، أخرج له من أصحاب الكتب النَّسائيُّ، قال ابن معين: (كان في زمنه عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يسمع منه)، وهو مشهور التَّرجمة، فلا نطوِّل بها، ☼ تَعَالَى.
          قوله: (وَيُذْكَرُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو صيغة تمريض.
          قوله: (مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا): (البطانة): دُخَلاء الشَّخص ومن يختصُّ به، و(البطانة) أيضًا: السَّريرة، فسُمِّي من يطَّلع على السَّريرة: بطانة.
          قوله: (مِمَّنْ يُرْضَى(2) دِينُهُ): (يُرضَى)(3): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(دينُه): مرفوع قائم مقام الفاعل.
          قوله: (صُدِّقَتْ): هو بضمِّ الصَّاد، وكسر الدَّال المشدَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.
          قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم أنَّه عطاء(4) بن أبي رَباح، مُفتِي أهل مكَّة، وهو مشهور جدًّا، وكذا في قوله بعده: (وَقَالَ عَطَاءٌ: الْحَيْضُ...): هو ابن أبي رَباح.
          قوله: (وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ الكوفيُّ الفقيه، تقدَّم.
          قوله: (وَقَالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (مُعتمِرٌ)؛ فهو ابن سُلَيْمَان بن طرخان، يروي المعتمر عن أبيه، ومنصور، وعبد الملك بن عمير، وعنه: ابن مهديٍّ، وعفَّان، ومُسَدَّد، وابن عرفة، وُلِد سنة ░106هـ▒، وتُوُفِّيَ سنة ░187هـ▒، وكان رأسًا في العلم والعبادة؛ كأبيه، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، قال ابن خِراش: (صدوق، يُخطِئ مِن حفظه، وإذا حدَّث مِن كتابه؛ فهو ثقةٌ)، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (قلت: هو ثقةٌ مطلقًا، ونقل ابن دحية عنِ ابن معين: ليس بحجَّة)، انتهى لفظ «الميزان»، ووالده سُلَيْمَان بن طرخان التَّيميُّ، نزل فيهم بالبصرة، من السَّادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النَّهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، ومناقبه جمَّة، تُوُفِّيَ سنة ░143هـ▒، أخرج له الجماعة، قال في «الميزان»: (الإمام، أحد الأثبات، قيل: كان يدلِّس عنِ الحسنِ وغيرِه ما لَمْ يسمعه)، انتهى لفظه، وهذا ليس بجرحٍ، إِنَّمَا الجرح تدليس التَّسوية، وأمَّا هذا؛ فلا، والله أعلم.
          قوله: (بَعْدَ قُـَرْئِهَا): (القُـَرْء)؛ بِفتح القاف وضمِّها؛ لغتان، حكاهما القاضي عياض، وأبو البقاء، وغيرهما، أشهرهما الفتح، وهو الذي قاله جمهور أهل اللُّغة، واقتصروا عليه، وممَّن حكى اللُّغتين الخطَّابيُّ في «معالمه» في (الحيض)، وجمعه في القِلَّة: أَقْرُءٌ، وفي الكَثْرة: قُرُوءٌ، قال الواحديُّ: هذا الحرفُ من الأضداد، يقال للحيض والطُّهر(5)، والعربُ تقول: أقرأتِ المرأةُ، في الأمرين جميعًا، وعلى هذا: يونسُ، وأبو عمرو بنُ العلاء، وأبو عبيدٍ، / وأبو عبيدة: أنَّها من الأضداد، وهي في لغة العرب مُستعمَلةٌ في المعنيين جميعًا، وكذلك في الشَّرع، ومن هذا الاختلاف(6) في اللُّغة؛ وقع الخلاف في (الأقراء) بين الصَّحابة وفقهاء الأمَّة؛ فعند عليٍّ، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعريِّ، ومجاهد، ومقاتل، وفقهاء الكوفة: أنَّها الحيض، وعند زيد بن ثابت، وابن عُمر، وعائشة، ومالك، والشَّافعيِّ، وأهل المدينة: أنَّها الأطهار، وهذا الخلاف فيما ذُكِر منها في العِدَّة، فأمَّا كونها حيضًا وطهرًا، وأنَّ اللَّفظ صالح لهما جميعًا؛ فممَّا لم يختلف فيه أحدٌ، وأصل هذا اللَّفظ واشتقاقه مختلفٌ فيه أيضًا، والله أعلم.


[1] (وفي): ليس في (ب).
[2] في (ج): (يرجى)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ج): (يرجى)، وهو تحريفٌ.
[4] (عطاء): ليس في (ج).
[5] في (ج): (والتَّطهر).
[6] في (ج): (الخلاف).