التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب نهي النبي على التحريم إلا ما تعرف إباحته

          قوله: (بَابٌ: نَهْيُ النَّبِيِّ صلعم عَلَى(1) التَّحْرِيمِ إِلَّا مَا تُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ): قال ابنُ المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: قصد بهذه الترجمةِ التنبيهَ على أنَّ المخالفةَ التي وقعت أحيانًا لِما طَلَبَ منهم لم تكن عدولًا عن الاعتصام؛ إذ لم يخالفوا واجبًا، ولم يُؤثَر عنهم ذلك، وصورةُ المخالفة فهموا فيها عدمَ العزم، وتمكُّنَهم من بعض الخِيَرَة، وهذا في الحقيقة ليس خلافًا، ولكنَّه اختيارٌ لِما كان لهم فيه خِيار، وإن كان العلماء المحقِّقون أنكروا إجماعَ الطِّلْبَة والخِيَرَة، ولو كان الطلبُ ندبًا؛ أنكروا، وعَدُّوا ذلك تناقضًا لا سبيل إليه شرعًا ولا يوجد، ومِن العلماء مَن أجاز ذلك؛ وهو [نفس] البُخاريِّ، والله أعلم.
          قوله: (بابٌ): هو مُنَوَّن، و(نهيُ): مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ، وقوله (على التحريم): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (عن)، وعليها ما صورته: (أصل)، وفي نسخةٍ أُخرى من أصولي: (عن)، ولم يُذكَر غيرُها، قال شيخُنا: (قال ابن بَطَّال: والصواب: «على»)، انتهى، و(عن) بمعنى: (على)؛ على قول مَن قال: إنَّ حروفَ الجرِّ يقومُ بعضُها مَقامَ بعضٍ، والله أعلم.
          قوله: (وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ): يعني: على(2) الوجوب إلَّا ما تُعرَف إباحتُه أيضًا؛ مثل أن يكون بعد الحَظْر؛ مثل: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ}[المائدة:2]، {فَإِذَا(3) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}[الجمعة:10]، والله أعلم.
          قوله: (وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ): هو بفتح أوَّله، وكسر الزاي؛ أي: يُوجِب، وهو مَبْنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
          قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها نُسَيبة؛ بضَمِّ النون، وفتح السين، على الصحيح، وقد قَدَّمْتُ نسبَها وبعضَ ترجمتها، ♦ [خ¦167].
          قوله: (نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ(4) وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا): (نُهِينا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذلك (يُعزَم): مَبْنيٌّ أيضًا؛ ومعناه: ولم يُشَدَّد علينا في النهيِ.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (عن).
[2] كتب فوقها في (أ): (عن).
[3] في (أ): (وإذا).
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق) بعد الإصلاح: (الجنازة).