التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم

          قوله: (بَابُ مَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صلعم): (ذَكَرَ): مَبْنيٌّ للفاعل، فعلٌ ماضٍ، و(النَّبيُّ) صلعم: فاعِلُه.
          قوله: (وَحَضَّ): هو فعلٌ ماضٍ، مَبْنيٌّ للفاعل، و(حضَّ) معناه: حثَّ.
          ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا على عادته بغير إسناد، ثُمَّ قال: (ذكر هذه الترجمة في «كتاب الاعتصام»، فساق فيها الأحاديثَ والآثارَ التي تضمَّنت ذِكْرَ ما يستحقُّ أن يُعتَصَم به ويتميَّزَ(1)؛ من بقعةٍ تُختَار للسكنى، وتُقصَد للبركة(2)، ويُعتَمَد على أهلها في أحكام المِلَّة ونوازلِ الدِّين؛ كالمدينة، وحديثُ ابن عوف أَقْعَدُ بهذا المعنى؛ فإنَّ المدينةَ عادت عليها وعلى أهلها بركةُ النَّبيِّ صلعم حيًّا وميتًا، حتَّى كانت حركاتُه الجِبِلِّيَّةُ فضلًا عن الشرعيَّةِ تفيدها خصوصيَّةً، وتزيدها مزيَّةً؛ مثل خروجه للعوالي على الوجه الذي صارت مسافتها مَعْلَمًا من مَعالِم الصَّلاة، وكذا دارُ كثيرٍ الذي اشتهرت مبانيها في هذا الحديث فصارت مشهدًا للصلاة، وعلى الجملة؛ فإذا كانت مواطنها ومساكنها مفضَّلَةً يقتدى بها في الأحكام مواقيتَ ومشاهدَ؛ فكيف بساكِنِها وعالمها؟! وإذا كان جَبَلُها قد تميَّز على الجبال؛ فكيف لا يتميَّز عالِمُها على العلماء في مزيَّة الكمال؟! وإذا عادت بركةُ كونِ النَّبيِّ صلعم فيها على الجمادات بالسعادات؛ فكيف لا تعود بركته على أهل الديانات بالمزايا والزيادات؟! فرحمة الله على مالكٍ، لقد أنزلها منزلها، وعفا الله عمَّن كثَّر عليه في الاحتجاج بإجماعها، لقد تريَّبَ(3) بالشبهة وقنع بسماعها وإسماعها، فظهر لي من ترجمة البُخاريِّ: أنَّ الله شرح صدره لِما شرحَ له صدرَ مالكٍ من تفضيلها، وأقرَّ قاعدته في الاعتبار بإجماعها على جملتها وتفصيلها، والله أعلم)، انتهى.


[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (ويُتَيَمَّن).
[2] في (أ): (السكنى... البركة)، والمثبت من مصدره.
[3] في (أ): (تزيَّن)، والمثبت من مصدره.