التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة

          6982- قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و(اللَّيْثُ): هو ابنُ سعد، و(عُقَيْلٌ): بضَمِّ العين، وفتح القاف، و(ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ.
          قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا [خ¦6]، وسأذكره في أواخر هذا التَّعليق إن شاء الله تعالى [خ¦7561].
          قوله: (حَدَّثَنَا(1) عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهرُ أنَّه المسنَديُّ، ومستندي في «الكمال» لعبد الغنيِّ، وذلك أنَّه لم يذكر في الرُّواةِ عن عبد الرَّزَّاق أحدًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سوى المسنَديِّ، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلامُ على (مِثْلَ)، وعلى (فَلَقِ الصُّبْحِ)، وعلى (حِرَاء)، وأنَّه يُمَدُّ ويُقصَر، ويُؤنَّث ويُذكَّر، ويُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّه جبلٌ على ثلاثة أميال من مكَّةَ، وقدَّمت كلام الخَطَّابيِّ في تخطئة أهل الحديث في النطق به، وعلى (التَّحَنُّث؛ وَهُوَ التَّعَبُّدُ)، و(فَجِئَهُ)، معناه: جاءه بغتةً، و(المَلَكُ): تَقَدَّمَ أنَّه جبريل صلعم، وتَقَدَّمَ الكلامُ على قوله: (مَا أَنَا بِقَارِئٍ)، وعلى (فَغَطَّنِي)؛ ومعناه: عصرني وضمَّني، وعلى (الجَهْدَ) وإعرابِه، وعلى الحكمة في أنَّه غطَّه ثلاث مَرَّاتٍ مِن عند السُّهَيليِّ، وعلى قوله: ({اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1])، وكلام الدِّمْيَاطيِّ في ذلك، وأنَّ فيه دليلًا على أنَّه أوَّل ما نَزَل مِن القرآن، وقدَّمتُ الاختلافَ في ذلك [خ¦4]، وعلى (البَوَادِر) [خ¦4]، وعلى (زَمِّلُونِي)، وعلى (الرَّوْعُ)؛ بفتح الرَّاء؛ وهو الفَزَع، وعلى قوله: (لَقَدْ(2) خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي) ما هذه الخشية، وعلى (يُخْزِيكَ)، وعلى (الكَلِّ)، وعلى (تَقْرِي الضَّيْفَ)، وأنَّه ثُلاثيٌّ، وعلى (وَرَقَة بْن نَوْفَل)، وما يتعلَّق به، وبعض ترجمته، وأنَّه أوَّلُ ذَكَرٍ أَسَلَمَ، وفي أصلنا: (أَخُو أَبِيهَا)؛ أي: وهو أخو أبيها، وفي نسخةٍ: (أخي أبيها)، وهذه الجادَّةُ، وعلى (تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ)، ذكرتُ أنَّه تهوَّدَ أوَّلًا، ثمَّ تنصَّرَ، وعلى (فَيَكْتُبُ بِالعَرَبِيَّةِ) ما وقع في أوَّل «الصَّحيح»، والصَّوابُ غيرُه، وقد أُوِّلتْ، وعلى (قَدْ عَمِيَ)، وعددتُ العميان مِنَ الأنبياءِ، والصَّحَابةِ، وبعضِ التَّابعين، وعلى (النَّامُوسُ) وما هو، وعلى قولِه: (أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى)، ولم يُذكَر في «الصحيح»: (على عيسى)، ولكن وردتْ، والحكمة في عدوله لو لم يُرِد تلك، وعلى (فِيهَا)، وعلى (جَذَعًا)؛ أي: شابًّا قويًّا، كلُّ ذلك في أوَّل هذا التَّعليق [خ¦3].
          قوله: (أَكُونُ أَحْيَا(3)): كذا في أصلنا: بفتح الهمزة مُعتلٌّ، وله معنًى، ولكن الذي أحفظه: (حَيًّا)، وكذا هو في نسخةٍ طرأتْ على هامش أصلنا، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟)، وعلى (قَطُّ) بلغاتها [خ¦7]، وعلى (مُؤَزَّرًا)، وعلى (يَنْشَبْ)؛ أي: يلبث ويمكُث، وعلى (فُتُور الوَحْي)، كم مُدَّتُه، وما الحكمة في ذلك [خ¦3].
          قوله: (حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ(4) صلعم فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا عَدَا(5) مِنْهُ مِرَارًا...) إلى آخره: قال القاضي في «الشفا»: (وقولُ مَعْمَر في فترة الوحي: «فحَزِنَ رسولُ الله صلعم...» إلى آخره: [لا يَقدَحُ في هذا الأصلِ؛ لقولِ مَعمَرٍ عنه: «فِيمَا بَلَغَنَا»، و]لم يُسنِدْه، ولا ذكرَ رواتَه، ولا مَن حدَّث به، ولا أنَّه ◙ قاله، ولا يُعرَف هذا إلَّا مِن جهة النَّبيِّ صلعم...) إلى آخر كلام القاضي، وهو حَسَنٌ، فانظره في «الشفا»، وقولُ القاضي: (إنَّ هذا قول مَعْمَر)؛ فيه نظر؛ وذلك لأنَّ في «سيرة أبي الفتح اليَعمُريِّ ابنِ سيِّدِ النَّاس» ما لفظُه: («وروينا من طريق الدُّولابيِّ: حَدَّثَنَا يونس بن عبد الأعلى: حَدَّثَنَا عبد الله بن وَهْب، عن يونس بن يزيد، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ ♦...»، فذكر نحوَ ما تَقَدَّمَ _وفي آخره_: ثمَّ لم ينشبْ ورقةُ أن تُوُفِّيَ، وفترَ الوحي فترةً حتَّى حَزِنَ رسولُ الله صلعم فيما بلغنا غَدَا منه مرارًا...)؛ الحديث، فهذا بسندٍ ليس فيه مَعْمَر بالكليَّة، ولعلَّ قائلَ هذا الكلامِ الزُّهْرِيُّ، فإنَّها عادتُه، ويَحتمل أن يكون غيرَه، والجوابُ عنه كالجواب عن بلاغِ مَعْمَرٍ في أنَّه قاله. /
          ثمَّ على تقدير صحَّتِهِ عن قائلِه مَن كان؛ عنه جوابان ذكرهما القاضي في «الشفا»؛ وهو أنَّه يُحمَل على أنَّه كان في أوَّل الأمر كما ذكرنا، أو أنَّه فعل ذلك؛ لِمَا أحرجه مِن تكذيب مَن بلَّغه، كما قال تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}[الكهف:6]، ويُصحِّح معنى هذا التأويل حديثٌ رواه شَريك، عن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله: أنَّ المشركين لمَّا اجتمعوا بدار النَّدْوة للتَّشاوُر في شأن النَّبيِّ صلعم، واتَّفق رأيُهم أن يقولوا: إنَّه ساحر؛ اشتدَّ ذلك عليه، وتزمَّل في ثيابه، وتدثَّر فيها، فأتاه جبريل، فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}[المزمل:1]، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1]، أو خاف أنَّ الفترة لأمرٍ أو سبب منه، فخَشِي أن تكون عقوبةً مِن ربِّه، ففعل ذلك بنفسه، ولم يَرِد بعدُ شرعٌ بالنَّهي عن ذلك، فيُعترَضَ به... إلى آخر كلامه، وهو حَسَنٌ.
          قوله: (عَدَا مِنْهُ): هو بإهمال العين في أصلنا في الموضعين، ومعناه معروفٌ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: بإعجام الغين في الموضعين، وقد رأيتُ في نسخةٍ مقروءةٍ مقابلةٍ بعِدَّة نُسخٍ: (غدا)؛ بإعجامِ الغين، وتجاه هذه في الحاشية: (عدا)، وعُمِل عليها ما صورته: (سـ)، وعُمِل تحت العين علامةُ إهمالٍ، وكُتِب إلى جانبها ما لفظُه: (حاشية دار الذَّهب مُعلَّمة كذا بالسِّين) انتهى، وأمَّا الثانية؛ فإنَّه أعجم غينَها، ولم يكتب تجاهها شيئًا، وبخطِّ شيخِنا الإمام الأستاذ أبي جعفر: (عدا)؛ بإهمال العين وإعجامها بالقلم، وكُتِب عليها: (معًا)، وكذا في المكان الثاني.
          قوله: (بِذُِرْوَةِ جَبَلٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر الذال المُعْجَمَة وضمِّها أعلاه، و(تَبَدَّى): مُعتلٌّ غيرُ مهموزٍ؛ أي: ظهر، وتَقَدَّمَ الكلامُ على (الجَأْشُ)، وأنَّه بالجيم، ثمَّ همزة ساكنة، ويجوزُ تسهيلُها، ثمَّ شين معجمة، قال أبو عُبيد: الجاش: القلبُ، وقال غيرُه: الجأش: ثبوتُ القلب عند الأمر المَهُولِ يَنْزِلُ، وقال الحربيُّ: هو ما ارتفع مِن القلب، قاله في «المطالع»، وأخرجه في (الجيم مع الهمزة)، وكذا أخرجه في «الصِّحاح» في (جأش)، وقال: («الجأش»: القلب، وهو رُواعُه إذا اضطرب عند الفزع، يُقال: فلانٌ رابطُ الجأش؛ أي: يَربِطُ [نفسه] عنِ الفرار؛ لشجاعته)، انتهى، وكذا أخرجه ابن الأثير في (الجيم مع الهمزة).
          قوله: (وَتَقَـِرُّ نَفْسُهُ): (تَقَـِرُّ)؛ بفتح أوَّله والقاف، وتُكسَر أيضًا، مُشدَّد الراء.
          قوله: (عَدَا(6) لِمِثْلِ ذَلِكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (وَحَدَّثَنِي).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (قد).
[3] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (حَيًّا).
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (النَّبِيُّ).
[5] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (غدا).
[6] لم تُضبَط هنا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (غدا).