التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا

          ░21▒ (بَابُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا)
          أي: اكتسب ذنبًا.
          قوله: (وَلَمْ يَرُدَّ سَلاَمَهُ، حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ) أي تَظهر صحَّة توبته، وغرضه أنَّ مجرَّد التَّوبة لا توجب الحكم بصحَّتها بلْ لا بدَّ مِن مضيِّ مدةٍ يُعلم فيها بالقرائن صحَّتها مِن ندامته على الفائت وإقباله على التَّدارك ونحوه.
          قال ابن بطَّالٍ: (وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ العَاصِي؟) ليس في ذلك حدٌّ محدودٌ، وَلكن معناه أنَّه لا تتبيَّن توبته في ساعته وَلا في يومه حتَّى يمرَّ عليه ما يدلُّ على ذلك. ولأصحابنا في تقديرها بمدَّةٍ خلافٌ، ولو تحقَّق الإقلاع عَن الفسق في ساعته لم يحتجْ إلى الاستبراء، كما في ما إذا عَضل مولِّيته وتكرَّر عضله وفسَّقناه به فرَجع إلى التَّزويج، فإنَّه يَصحُّ تزويجه لإتيانه بضدِّ الفِسق يقينًا كَما في إسلام الكَافر، وَكذا في المتأهِّل للإمامة والقَضاء إذا تعيَّن عليه فردَّ الولاية ثمَّ قَبِلها فإنَّه تصحُّ توليته، لأنَّه إنَّما يمتنع غالبًا بتأويلٍ، وَقد تحقَّق الإتيان بِضدِّ امتناعه، وَموضع بسطِ ذلك كتب الفقه.
          قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: لاَ تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الخَمْرِ) (عَمْرٍو) بفتح العين المهملة وبالواو، و(شَرَبَةِ) بفتح الشِّين المعجمة والرَّاء كأنَّه جمع شاربٍ، ولم يجمعه الُّلغويُّون هَكذا، وإنَّما قالوا: شاربٌ وشَرْبٌ، مثل: صاحبٌ وصَحْبٌ، وجمع الشُّرْب: شروبٌ.