تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض

          ░24▒ (بابُ: إِذا حاضَتْ في شَهرٍ) أي: باب بيان حكم الحائض إذا حاضت في شهر واحد (ثَلاثَ حِيَضٍ) _بكسر الحاءِ وفتح الياء_ جمع حيضة. (وَما يُصَدَّقُ(1) النِّساءُ) عطفٌ على الجملة قبله، أي: وبيان ما يصدق فيه النساء (فِي الحَيْضِ)، أي: مدته، وهو بدلٌ من (فِيْهِ) المقدر قبله. (وَالحَملِ) في نسخة: <والحَبَل> بموحدة مفتوحة. (فِيما يُمكِنُ مِنَ الحَيضِ) أي: من تكراره، وهو متعلقٌ (يُصَدَّقُ). (لِقَولِهِ تَعالى) في نسخة: <لقولِ الله تعالى>، ووجه دلالة الآية على تصديق المرأة فيما ذكر: أنها لو لم تصدق فيه لما كان لإلزامها بعدم الكتمان فائدة، وروى الطبري(2) بإسنادٍ حسن: ((لا يحلُّ لها إذا كانت حائضًا أن تكتُم حيضها، ولا إن كانت حاملًا أن تكتُم حملها)).
          (وَيُذكَرُ) تعليق بصيغة تمريض. (عَن عَلِيٍّ) أي: ابن أبي طالب. (وَشُرَيحٍ) أي: ابن الحارث الكنديِّ. (بِطانَةِ أَهلِها) _بكسر الباء_ أي: خواصهم. (يُرضَى(3) دِينُهُ) أي: يكون عدلًا مقبولًا. (أَنَّها حاضَت في شَهرٍ ثَلاثًا، صُدِّقَ(4). هو قول أحمد، وقال أَبو حنيفة: لا تصدَّق في أقلَّ من شهرين، وقال الثوريُّ وأبو يوسف ومحمد: لا تصدَّق في أقل من تسعة وثلاثين يومًا؛ لأن أقل الحيض عندهم ثلاثة أيام، وقال الشافعي: لا تصدَّق في أقلِّ من اثنين وثلاثين يومًا، بأن تطلق وبقي من الطهر لحظة تحيضُ(5) يومًا وليلة، وتطهر خمسة عشر ثم(6) هكذا.
          (وَقالَ عَطاءٌ) أي(7) ابن أبي رباح. (أَقراؤُها) جمع قُـَرء_بفتح القاف وضمها_ والمراد: (أَقراؤُها) في زمن العدة. (ما كانَت) أي: قبل العدَّة، أي: تصدق عند موافقة عادتها كيف كانت. (وَبِهِ) أي: بقول عطاء (قالَ إِبراهيمُ) أي: النخعي.
          (وَقالَ عَطَاءٌ: الحَيضُ يَومٌ إِلى خَمسَةَ عَشَرَ) في نسخة: <خمسَ عشْرة> والأُولى أَولى، وأشار بذلك إلى أن أقلَّ الحيضِ يومٌ، أي: مع ليلته، وأن أكثره خمسة عشر يومًا، أي: بلياليها.
          (وَقالَ مَعتَمِرٌ) أي: ابن سليمان بن طرخان. (بَعدَ قُرئِها) أي: طهرها، والغرض: أن القُرء هل يكون خمسة أيامٍ أم لا؟ قاله الكرماني، ورده غيره: بأن ابن سيرين إنما ذكر(8) ذلك في امرأة سألته عمن تحيضُ خمسة أيام، ثَمَّ رأت دمًا زائدًا عليها، كيف يكون حكم الزائد؟ فقال: هي أعلم بذلك، يعني التمييز بين الدمينِ راجعٌ إليها، فيكون المرئي في أيام عادتها حيضًا، وما زاد على ذلك استحاضةً، فليس المراد ببَعد قرئها: بعد طهرها، بل بعد حيضها.


[1] في (ع) و(ط): ((تُصَدَّقُ)).
[2] في (المطبوع) و(ط): (([الطبراني])).
[3] في (ط): ((يرضي)).
[4] في (ط) و(المطبوع) و(د): ((صدقت)).
[5] في (المطبوع): ((فتحيضُ)).
[6] قوله: ((ثم)) ليس في (ع).
[7] قوله: ((أي)) ليس في (ط).
[8] في (ط): ((ذكره)).