تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث علي: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار

          <بَابٌ: قِصَّةُ فَدَكٍ>.
          3094- (مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ) أي: الآتي. (حَتَّى أَدْخُلَ) بالنصب والرفع نظير ما مرَّ.
           (بَيْنَا) في نسخة: <بَيْنَمَا>. (مَتَعَ النَّهَارُ) بفتح الميم والفوقية؛ أي: اشتد حره، وارتفع وطال ارتفاعه. (عَلَى رُِمَالِ سَرِيرٍ) بكسر راء رمال وضمها: ما ينسج مِن سعف النخل ونحوه، (يَا مَالُِ) بكسر اللام وضمها على الوجهين في الترخيم. (برَضْخٍ) أي: عطاء قليل. (لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي) في نسخة: <لَهُ> بلام بدل الباء، قاله تحرجًا(1) مِن قبول الأمانة. (اقْبِضْهُ) في نسخة: <فاقْبِضْهُ> بفاء (فبَيْنَا) في نسخة: <فبَيْنَمَا>. (يَرْفَا(2)) بالهمز، وبدونه وهو الأكثر، وقد يقال: اليرفا بزيادة ألف ولام. (هَلْ لَكَ) أي: رغبة. (وَبَيْنَ هَذَا) أي: عليٍّ. (مِنْ بَنِي النَّضِيرِ) في نسخة: <مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ>. (تَـِيْدَُكُمْ) بفتح الفوقية وكسرها، وسكون التحتية، وفتح الدال وضمها: اسم فعل كرُوَيد؛ أي: اصبروا على رِسلِكم وهِينَتكم، وقيل: مصدر تاد يَتِيد، كسار يسير، والمعنى: تِيدوا تَيدكم كما يقال: سيروا سيركم، (أَنْشُدُكُمْ) أي: أسألكم. (يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ صلعم نَفْسَهُ) سائرُ الأنبياء مثله في ذلك، بدليل خبر(3): ((إِنَّا مَعَاشِرَ الأنْبِيَاءِ لا نُوْرَثُ)) وأما قول زكريا: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم:6] وقوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل:16] فالمراد: ميراث العلم والنبوة والحكمة. (أَنْشُدُكُمَا اللهَ) لفظ: (اللهَ) ساقط مِن نسخة. (قَالا(4): قَدْ قَال ذَلِكَ) ساقط مِن نسخة. (فَكَانَتْ هَذِهِ) أي: بني النَّضير وخَيبر وفَدَك (خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ صلعم) أي: لا حقَّ لأحد فيها غيره، هذا ما عليه الأكثر، وقال الشافعي: يقسم الفيء خمسة أقسام، وأوَّلَ كلامَ عُمرَ هذا بأنه يريد الأخماس الأربعة (وَاللهِ) وفي(5) نسخة: <ووَاللهِ> بزيادة واو (مَا احْتَازَهَا) مِن الحيازة؛ أي: ما جمعها، وفي نسخة: <مَا اخْتَارَها> مِن الاختيار، (وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا) أي: ما اختص بها (قَدْ أَعْطَاكُمُوهُ) أي: الفيء، وفي نسخة: <قَدْ أَعْطَاكُمُوهَا> أي: أموال الفيء، (وَبَثَّهَا) أي: فرَّقها (مَجعَلَ(6) مَال اللهِ) أي: في السلاح والكُرَاع و(7) مصالح المسلمين، واستشكل كونه كان ينفق على أهله نفقة سنتهم مع أنَّ دِرعه حين وفاته كانت مرهونة على شعير استدانه لأهله، وأجيب: بأنه كان يدخر لأهله قوت سنتهم، ثم في طول السنة يحتاج لمن يطرقه إلى إخراج شيء منه، فيخرجه، فيحتاج إلى تعويض ما أخذ منه فلذلك استدان. (أَنْشُدُكُمْا بِاللهِ) في نسخة: <أَنْشُدُكُمَا اللهَ>. (هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ) زاد في الفرائض في رواية: ((قَالا: نَعَمْ)) [خ¦6728]. (فَلَمَّا بَدَا) أي: ظهر. (لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا) إلى آخره، قيل: إن كان الدفع إليهما صوابًا، فَلِمَ لم يدفعه أولًا؟ وإلَّا فلم دفعه آخرًا؟ وأجيب: بأنه منعه أولًا على الوجه الذي طلباه وهو التملك، ودفعه ثانيًا على وجه التصرف كتصرف النَّبي صلعم وصاحبيه. واستشكلت هذ القصة؛ لأنهما لما(8) أخذاها على ما شرطه عمرُ عليهما معترفين بأنه صلعم قال: ((مَا تَرَكْنَا(9) صَدَقَةٌ)) [خ¦3093] [خ¦3094] [خ¦4033] وشهد المهاجرون بذلك، فما الذي بدا لهما حتى تخاصما؟ وأُجيب بأن تخاصمهما إنما كان؛ لأنه يشق عليهما التشارك في التصرفات، وطلبا القسمة ليستدل(10) كل منهما / بالتدبير والتصرف فيما يصير إليه، فمنع عمر ذلك؛ لئلا يجري علي ذلك اسم الملك، إذ القسمة إنما تقع في الأملاك، وبتطاول الزمان يظن فيه الملكية، قال أبو داود(11): ولهذا لما صارت الخلافة إلى علي لم يغيرها عن كونها صدقة.


[1] في (ع) و(ك): ((تخرجاً)).
[2] في (د): ((يرفاء)).
[3] النسائي في الكبرى6309 (إنا معشر الأنبياء...).
[4] في (د): ((قال)).
[5] في المطبوع و(د): ((في)).
[6] في (د): ((فجعل)).
[7] في (ع) و(ك): ((في)).
[8] في (د): ((لأنهما إنما)).
[9] في المطبوع: ((تركناه)).
[10] في المطبوع و(د): ((ليستبد)).
[11] نقله الخطابي في معالم السنن3/15.